أحمد افراريج
حتى نكون صريحين وعقلانيين في زمن قل فيه الصرحاء والعقلاء، ما حدث ويحدث في ربوع جماعة اولاد يحيى لكراير، خصوصا داخل أسوار الجماعة، من تآمر ضد الساكنة حتى وإن لم يكن بشكل صريح ولا عن قصد، كل ما حدث قد أضحى أمرا بينا، واضحا وجليا، وظهر على أنه فعلا أمر دبر بليل بين بعض مسؤولي الجماعة.. أمر سعوا فيه إلى تحطيم آمال ساكنة تريد أن تلمس التنمية على أرض الواقع لا مجرد حبر على ورق.
إنه ليس من “سخونية الراس” ولا من “الضسارة” ولا من “قلة الحيا” أن يخرج شباب ونساء للاحتجاج على ما وصلت إليه الجماعة من أوضاع مزرية بسبب استهتار جل المسؤولين المنتخبين بأمانة ومسؤولية ألقيت على عاتقهم ما كانت يوما تشريفا بل تكليفا.. نعم لقد خرج هؤلاء عندما حطمت آمالهم في جماعة تلحق بمصاف الجماعات الترابية التي نمت، ترعرعت، ازدهرت، انتفع سكانها ورضوا بخدماتها وحسن سير مجالسها رغم التحديات والاكراهات.. انتظروا تغيير ولو شيء يسير من واقعهم المرير.. انتظروا وانتظروا ثم خرجوا عن صمتهم، في حين خرست أفواه الكثيرين.
التغيير الوحيد والفريد الذي يسمع عنه المواطن اليحياوي اليوم هو: تنصيب رئيس وخلع آخر، استقالة رئيس وإقالة آخر.. وحتى لا نبخسه حقه فالمجلس هناك فعلا يجيد أعضاؤه تدبير الدسائس والمكائد لبعضهم البعض.. عبث ما بعده عبث، هذه هي “الحشومة” هذا هو “التخربيق” هذا هو “الظلم بأم عينه” وليس خروج الشباب والنساء في أرقى مظاهر الاحتجاج السلمي.
وأين السلطات الوصية من كل هذا؟ التفرج على الأوضاع، التفرج على أموال تهدر وأخرى تنهب، مشاريع لم تنجز وأخرى لم تكتمل، بنايات تخرب وأخرى طالها النسيان.. إنه تبذير المال العام.. اقتصر دور السلطات الوصية في كل ما يحدث على تزكية عبث المنتخبين وممارساتهم المعيوبة، وكذا محاصرة وقمع الساكنة كلما خرجت تنادي بأبسط متطلبات العيش الكريم: توفير الماء في الصنابير والكهرباء في الأزقة والأحياء، دعم التمدرس وتشجيعه ثم توفير مستوصف يلبي حاجيات مرتاديه بطاقم طبي ومعدات طبية وأدوية استنزفت هي الأخرى جيوب المواطن اليحياوي وزادت من معاناته; فلا يخفى على أحد كثرة الأمراض والعلل المتفشية في صفوف الساكنة مع قصر ذات اليد.
الساكنة عندما خرجت اليوم إنما خرجت ولسان حالها يقول ويهتف: أننا نحن السبب في كل ما يقع، نحن من وكلناكم علينا، نحن من زكيناكم ووضعناكم حيث أنتم في موقع القرار، ولكن يا للأسف خنتم العهد وأخلفتم الوعد وجلستم تقررون مصائرنا كيفما شئتم، وأية مصائر تلك، فمصيرنا لا يختلف عليه اثنان، مصير التهميش في أبرز تجلياته من فقر وبطالة وحرمان.. زكيناكم ووثقنا فيكم وها أنتم اليوم تكرسون وتقرون الوضع الكارثي الذي عاشه من قبلنا.. تكرسون للعبودية، للذل وللهوان، للظلم، للفقر وللحرمان.. حرمنا من كل شيء: لا ماء لا إنارة ولا خدمات صحية كأيها الناس.. لهذا خرجنا ولهذا سنخرج.
العابر ليلا من الطريق الوطنية 9 عبر دواوير اولاد يحيى ، كأنه يمر بمكان تسكنه الأشباح: الظلام الدامس أو بعض الأعمدة الكهربائية المتناثرة هنا وهناك التي تضيئ ولا تكاد تبين منها الصالح ومنها دون ذلك.. بأولاد يحيى لا متاجر، لا فضاءات ترفيهية، لا رياض أطفال في المستوى ولا وكالات للخدمات.. بأولاد يحيى لا شيء يشجع على الاستثمار ولا الاستقرار.
آن الأوان لأبناء اولاد يحيى أن يعوا الدرس جيدا، والمؤكد جدا أنهم وعوه وفهموه منذ زمن.. وما خروج من خرجوا ولا كلام من تكلموا ولا تنديد من نددوا والتغيير المنشود باولاد يحيى لا يزال يحتاج إلى ظهور شباب واعي ومؤمن بالتغيير إلى الواجهة، ليس تغيير الوجوه والشخصيات بل تغيير القلوب والعقليات، شباب متحمس وجاد لا ينحاز إلى فئة دون أخرى ولا يلتفت إلى سفاسف الأمور ولا إلى التافهين الذين يشرون الذمم.
السياسة باولاد يحيى قذرة، قذرة حد النتانة، السياسة هناك لعبة يلعبها الساسة بلعب غير نظيف.. تخيل نفسك كيف ستخرج من قاعة اجتماعات الجماعة الترابية اولاد يحيى، ستخرج بنفس منكسرة محبطة ورأس متألم من شدة الصداع لا لشيء إلا لأن رائحة المطبخ السياسي بها فاحت بالتعفن والنتانة.
فلا شك إذن في تراكم معيقات النهوض ومثبطات النشاط وعراقيل المسيرة فالنفوس المجبولة بالشر الضيقة ضيق المصالح الفئوية والشخصية هي التي تخيم كالشبح المفزع على آمال وتطلعات المواطن اليحياوي في العيش بأرقى صورة.
إذا كان منتخبو اولاد يحيى غير مستعدين لإصلاح أوضاعهم وتغييرها بالكامل، فقد تبين أن شبابها اليوم مستعد أن يصلحوا من شأنهم ويغيروا تلك الوجوه بخير منها دون ردها.
أما آن لتجارة الساسة بحقوق الساكنة أن تبور، ويظهر شهبندر تجار أمين على المال والعباد؟