جواد مبروكي
ألاحظ طوال الوقت، في ممارستي اليومية وفي المجتمع المغربي، الخلافات الزوجية التي غالباً ما تتجاوز المشاجرات مع الأصهار من كلا الجانبين وتؤدي بحزن إلى الطلاق. كثيرا ما أسمع من ناحية العروس التي تتهم الزوج بأنه “ابن أمه” أو “وْلْدْ مُّو” ومن ناحية أخرى الزوج الذي يتهم زوجته بأنها “تستمع إلى والدتها” أو “تْسْمْعْ لْمّْها”.
إنه وضع مؤسف يلزم كل منهما بالدفاع عن نفسه وكذلك بالدفاع عن أمه من كلا الطرفين. يولد هذا الدفاع المزيد من النزاعات ويتهم كل طرف الآخر بأنه يفضل والدته على شريكه بحجة أن والدة الآخر هي التي تزرع النزاع بينهما. خطاب الصم!
لماذا هذا الصراع الزوجي موجود عند الأزواج المغاربة؟
1- عدم معرفة “مفهوم الاحترام”
لسوء الحظ، يجهل المجتمع المغربي مفهوم الاحترام وغائب حتى في التربية والتدريس. لا أقصد الاحترام كقول مرحباً، السلام عليكم، شكراً وداعاً. بل الاحترام كمفهوم هو احترام الآخر كما هو عليه وفي ما يفكر فيه وفي ما يريده أو ما يرفضه ومن الواضح في حريته. وعلى هذا نجد الاحترام بين الزوجين غائب، واحد ينتقد الآخر بلا هوادة، وينتقد عائلته أيضا دون أي احترام للشخص الذي يشاركه في حياته. وبدلاً من حل نزاعاتنا كأشخاص بالغين ومسؤولين، نلقي باللائمة على الحماة والأصهار ويصبح كل طرف يردد للآخر ” اْنْتِ تْسْمْعِ لْمّْكْ” و “أنتَ مشي راجل،اَنتَ وْلْدْ مُّو”!
2- عدم الشعور بالمسؤولية
في الزواج، لا يتحمل الشريك المغربي المسؤولية اتجاه الآخر ولا أشير إلى الجوانب المادية “العمل في المنزل أو خارجه”. بل أقصد المسؤولية الحقيقية للزوجين والتي تتلخص في “من واجبي مساعدة شريكي في أن يكون أكثر سعادة ويجب ألا أكون سبب حزنه”. كما أن احترام والدَيْ بعضهما البعض علامة على الاحترام الكبير للزوجين!
3- غياب قدرة المساءلة الذاتية
في مجتمعنا، يشعر المغربي أنه ضحية. وأجد نفس الميكانيزم أيضا بين الزوجين. هذا يرجع إلى عدم وجود تعليم الفكر النقدي وبالتالي غياب القدرة على التشكيك في الذات. مهما كانت طبيعة النزاع في الزوجين، فإن كلا الشريكين مسئولان بشكل إلزامي. وبدلاً من المساءلة الذاتية وتحديد الأخطاء ونسبة المشاركة في النزاع، يضع كل طرف المسؤولية على ظهر الآخر ويرى نفسه فقط ضحية شرور الشريك ولهذا تتصاعد بسهولة شحنة النزاعات.
4- الأنانية وغياب الوعي الجماعي
التربية والتدريس لا يغرسان في الطفل المغربي “الوعي الجماعي”، بل على العكس من ذلك يعلمانه “الضمير الفردي” وبعبارة أخرى “أنا أولاً والطوفان بعد”. ولذلك تتطور الأنانية بشكل كبير عند المغربي مع غياب الوعي الجماعي. وبعد الزواج يسعى كل طرف لتحقيق غاياته الخاصة على حساب الآخر وأكثر من هذا نراه يطالب من الآخر ضمان غاياته وسعادته. من الواضح أننا بعيدون عن الوعي الجماعي الذي يسعى إلى ضمان سعادة مشتركة!
5- غياب مفهوم “المشاورة”
يعتمد التواصل المغربي فقط على النقد والأحكام المسبقة مع غياب “مفهوم التشجيع”. كما تعتمد ميكانيزمات التواصل المغربي على ميكانيزم “هجوم/ دفاع” من جهة وميكانيزم “ميزان القوة” من جهة أخرى.
6- إعادة إنتاج نموذج الوالدين
لقد نشأ المغربي مع نموج الوالدين حيث تجري بينهما علاقة غير متوازنة حيث يكون الأب متسلطًا والأم خاضعة وممسوحة. ومن الواضح أن المغربي يستنسخ نفس النمط المعزز من طرف ميكانيزمات عديدة اجتماعية ودينية على وجه خاص.
الدكتور جواد مبروكي، خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي