حاورها يوسف عاصم
أطلقت الفنانة سيدر زيتون ألبومها الجديد الذي يضم مجموعة قصائد للشاعر الفلسطيني الكبير الرّاحل سميح القاسم، و إشترك في تلحينه المايسترو إحسان المنذر والفنان مروان خوري وشارك في غنائه كذلك الفنان معين شريف.
و تعتبر سيدر زيتون قامة في الفن الراقي و الملتزم بقضايا العالم العربي و همومه. و الفنانة من قرية الرينة، قضاء الناصرة، حيث ولدت في يافا. الفنانة الفلسطينية متزوجة من الملحن ومدرّس الموسيقى رامي زيتون الذي إشترك بدوره أيضا في تلحين بعض أغاني الألبوم. للفنانة الفلسطينية عدة مواهب و هي تتقن ”اللون الفيروزي” والألوان الرومانسية والايقاعية الملتزمة و الهادفة.
تغني سيدر زيتون بلغات مختلفة. فهي تغني بالانكليزية والفرنسية والايطالية والاسبانية والتركية، وتغني أيضا باللهجة المغربية. في مسيرتها، تعاونت الفنانة مع عدة شعراء أهمهم الراحل سميح القاسم وجريس نعيم خوري و الشاعر الإماراتي عبيد حارب و الشاعرة الأميرة السعودية سارة بنت فهد آل سعود والعديد من الشعراء من العراق و سوريا و لبنان. وقد أهداها الفنان اللبناني إلياس الرحباني أغنية من كلماته وألحانة وتوزيعه.والآن أصدرت ألبوم كامل من أشعار سميح القاسم الذي كتب لها بشكل خطي بإختيار ما تشاء من قصائده قبيل وفاته بشهرين. في هذا الحوار ، سنحاول أن نكتشف الأسباب أو الدوافع التي جعلتها تغني قصائد سميح القاسم و تتألق في أدائها فنيا.
_س: أولا، نهنئك على إصدار ألبومك الجديد لكن لماذا هذا اللجوء الى قصائد الشاعر الكبير سميح القاسم؟
_ج: شكرا على التهنئة .. غنيت في السابق لشاعرنا الكبير سميح القاسم وتوجهي إليه كوني أحب الكلمة الصادقة التي تعبر عن معاناتنا كشعب فلسطيني وفي الوقت ذاته كلمات فيها عنفوان وقوة ونضال .. هذا كان سبب إختياري لقصيدة ” تقدموا” التي غنيتها بداية . أما إختياري لأغني ألبوم كامل من قصائد سميح القاسم هي أنه منحني حق رسمي وخطي أعتز وأفتخر به بإختيار أي قصيدة من قصائده لأغنيها. لذلك قررت إصدار ألبوم كامل.
_س: هل تجدين نفسك أكثر حضورا ووجدانا في أشعار الراحل سميح القاسم؟
_ج: أنا أحب جدا غناء الشعر بشكل عام وأشعر أنه يليق بي وبشخصيتي وبحضوري على المسرح , وأحب القصائد خاصة إذا كانت الكلمة صادقة , معبرة , فيها رسالة أو ترسم حالة من المشاعر السامية في حياة الإنسان. لا شك أنني كإنسانة فلسطينية أجد نفسي وأكثر حضورا في قصائد شاعر العروبة سميح القاسم في الأشعار الوطنية خاصة. رغم كل حبي للشعر لكن ليس لدي أي مانع من الغناء باللهجات العامية المختلفة.
_س: كيف تعيشين، ياسيدتي. إشتياقا إلى زمن العشاق و تتغنين بأبطال الحب و الرومانسية مثل “قيس وليلى”، و “روميو و جولييت” ؟ هل نحن بحاجة الى الحب العذري في زمن الدمار والخراب و العدوان و الظلم و الاحتلال؟
_ج: نعم نعيش إشتياقا للحب الحقيقي ..ولنا في الخيال حياة …خاصة في زمن نفتقد فيه صدق المشاعر السامية والحقيقية التي لا تقدر بمال نحتاج لهذا النوع من الأغاني لإحياء ما تبقى من الحب العذري.
_س: كيف، ياسيدتي، تحلمين بأنك تعيشين هكذا؟ أمن أجل وطن محتل و ممزق أو من أجل حبيب يبدو بعيدا بعد الشمس؟
_ج: الأمل هو من أقوى المشاعر التي تجعل الإنسان يتنفس ويعيش …كل شخص يعيش على أمل أن يجد ويحقق ويصل إلى… دون الأمل ليس هناك معنى لحياتنا. كل إنسان شريف يعيش إشتياقا لحب حقيقي ولوطن آمن وحر …
_س: الوطن و الغربة و الشوق…كلها مشاعر كبيرة لك في الغناء، لكن كيف تعتصر الألام و الأمال بداخلك ليكون أدائك الغنائي صادقا و مؤثرا في المستمع؟
_ج: لقد إخترت القصائد هذه من بين المئات من القصائد التي قرأتها لشاعرنا ..طبعا له الكثير جدا من القصائد الرائعة والإختيار كان صعب، لكني إخترت ما شعرت أنه فعلا يعبر عن مشاعري تجاه كل قضية طرحت من خلال هذه القصائد حتى تكون كذلك مشاعري صادقة في الغناء. أما بخصوص مدى تأثيرها على المستمع فهذا شيئ يقرره المستمع وحده.
_س: هل مازلنا نتحدث عن الفن الفلسطيني الملتزم؟
_ج: هذا الألبوم فعلا ملتزم وراقي في نظري.
_س: إذا مازال هناك جمهور لهذا الفن، هل يمكن أن نصنف غنائك الراقي بأنه ملتزم، ملتزم بقضايا الإنسان العربي؟
_ج: أنا لا أحب التقيد وتحديد الألوان الغنائية .. أنا أغني كل شي راقي وكل لحن يعجبني …يهمني طرح القضايا الإجتماعية , و الوطنية , والعاطفية في أغنياتي لأن الفن رسالة قبل أن يكون مجرد غناء لأجل إستمتاع المستمع لكني أحب أيضا الأغاني الفرحة والمرحة الراقية.
_س: سيدتي، إلى أي حد يمكن لهذا اللون الغنائي أن يوحد كذلك بين الإخوة الأعداء في فلسطين المحتلة حيث أصبحنا لا نتحدث عن فلسطين المحتلة، بل عن غزة و عن من في السلطة ؟
_ج: وحدة الصفوف لن تأتي من الأغنية إنها تأتي من الشعب الواعي لأهمية الوحدة ولخطورة التفكك. العداوة تحدث بين الأخوة أو فئة أو حتى شخصين من أجل السلطة والحكم والمال، للأسف. الجميع يتباهى بوطنيته الأطهر وطبعا يعتزون بالأغاني الوطنية لكن على أرض الواقع الوحدة بعيدة طالما إختلفت الأهداف. الهدف لم يعد فلسطين. للأسف، الهدف أصبح القوة والسلطة والمال. الخيانة بعينها في نظري هي حين القرار في الإختيار أي الإنتخاب يكون من أجل مصالح شخصية أو بواسطة الإرغام والتهديد…هكذا يُباع الوطن!
_س: أقتبس و أغني معك، سيدتي،
أنا ملك القدس،
نجل بيوس،
وريث سلالة كنعان. ..
أنا ملك القدس لا أنت…
لماذا يخيم الحزن على زهرة المدائن أكثر من أي وقت مضى؟ من، من ملزم اليوم بحماية مدينة الصلاة؟
أنا ضد أن تتحول القضية الفلسطينية لنزاع ديني. القضية الفلسطينية قضية قومية وقضية سرقة وإنتزاع وطن بتآمر الغرب مع الحركة الصهيونية أو بإستخدامها على الشعب الفلسطيني والشرق الأوسط عامة .
كل إنسان حر و شريف، مبادئه ليست للمساومة و يجب أن يناضل بطريقته لقول الحق والعمل من أجل التوصل للعدل المنشود.
_س: قبل أن ننهي هذا الحوار الشيق و الممتع معك، سيدتي، هل ممكن أن تغني لنا أغنية “تقدموا”؟