يدير شكري
حل شهر رمضان ببلدة النقوب بإقليم زاكورة،وحمل معه كما العادة بعض الظواهر،التي باتت واضحة،لكن غالبا ما لا تولى أي اهتمام.
ولعل أبرز هذه الظواهر،ظاهرة لعب الأطفال بالشارع وبالأساس لعب كرة القدم،حيث بمجرد ما ينتهي الأطفال من تناول وجبة الإفطار في رمضان مساء،يخرج العديد من الى بعض الأحياء القريبة من الشارع الرئيسي ببلدة النقوب،إلى الطريق الرئيسية ويتخذونها ملعبهم للتسلية والترفيه عن أنفسهم،حيث يسيطرون على مساحة مهمة من الطريق،يتقاذفون الكرة فيما بينهم هنا وهناك،وصرخات الفرحة تصدح في الأرجاء،غير آبهين بالمركبات التي تمر ولا بالمارة و،غالبا أمام أنظار أولياء أمورهم،دون أن يحركوا ساكنا.
فماهي إذن دلالات هذه الظاهرة وأبعادها؟؟.
إن الطفل بطبيعته،يحب اللعب فطريا،و لا حياة لطفل لا يلعب و يمارس هوايته،ولا يلام الطفل في سلوكه الفكري هذا،لكن لا يمكن إغفال دلالات وأبعاد هذا السلوك أو الظاهرة الإجتماعية،كونها معطى اجتماع له مبرراته و منطلقاته السوسيوبسيكولوجية.
إن لجوء الأطفال إلى الشارع لممارسة هوايتهم،خاصة في شهر رمضان،وبعد وجبة الإفطار،لمؤشر هام على غياب البنيات التحتية الخاصة بالترفيه عن الأطفال (الحدائق العامة،ملاعب القرب,وغيره من الأماكن ذات الصلة بالأطفال),بلدة النقوب كما هو معلوم تفتقر إلى هذه البنيات السالفة الذكر،فرغم وجود بعض الملاعب الترابية،فهي غير مجهزة على تحقيق متطلبات اللعب والتسلية ،فالشباب أنفسهم يعانون في إيجاد مساحات مجهزة بالأضواء الكاشفة،ومابالك بالأطفال الصغار،مما يطرح عدة تساؤلات حول جدوى مخططات التنمية المحلية والاقليمية، التي تستهدف الشباب والطفولة،والتي مازالت حبرا على ورق.
من جانب آخر،يشكل لعب الأطفال في الطريق،خطرا كبيرا على سلامتهم،حيث يكونون عرضة لحوادث السير،نتيجة عدم اتخاذ الإحتياطات اللازمة،واحيانا نتيجة السرعة المفرطة لمستعملي الطريق،بل أكثر من ذلك يعرض الأطفال لمخاطر الإصابات، ناهيك عن ما يسبب اللعب في الطرقات من أذى وإزعاج للمارة وتخريب بعض الممتلكات،كل هذا يحدث أمام صمت أولياء أمور هؤلاء الأطفال وذويهم،دون أي يحركوا ساكنا،وهذا إن دل على شيء فهو يدل على تقاعس الأباء والأمهات وأولياء الأمور وكذا كافة الفاعلين المحليين، في إيجاد حلول لهذه الظاهرة السلبية والخطيرة،والامر راجع إلى تراجع المنظومة القيمية داخل المجتمع،نتيجة تأثيرات وسائل التكنولوجيا الحديثة وعالم السرعة.
بين حق الطفل في اللعب والترفيه و فشل كافة المتدخلين في مجال الطفولة،في توفير ملاعب ومنتزهات ترفيهية آمنة،يستمرالأطفال المحليون في خوض غمار المغامرات المحفوظة بالمخاطر،مستغلين انشغال الأباء والأولياء بهموم الحياة وثغرات عصر التكنولوجيا والتمرد على القيم الإجتماعية.
تبقى ،إذن مسؤولية حماية أطفال بلدة النقوب وإيجاد متنفس آمن لهم وبدائل سليمة،مسؤولية كافة الشركاء من مسؤولي الجماعة المحلية،المجتمع المدني،الأسرة ،المدرسة وكافة المتدخلين اقليما،جهويا ووطنيا.
(الصور تعبيرية فقط).