أكد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية الشرقي الضريس، اليوم الاثنين بالرباط، أن ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، قطع مجموعة من المراحل المهمة ومكن من خلق دينامية على مستوى انخراط وتعبئة جميع فعاليات المجتمع المغربي، وفق أسس جديدة ومنهجية فريدة لتدبير الشأن المحلي، تعتمد الابتكار والتجديد في آليات الحكامة أسلوبا للتخطيط والتنفيذ، واللامركزية منهجا للتدبير.
ومن جهتها قالت السيدة نديرة الكرماعي، العامل، المنسقة الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أن المبادرة مكنت منذ إطلاقها في عام 2005، من خلق أزيد من 6 آلاف و525 مشروعا مدرا للدخل باستثمار إجمالي قدره 94ر1 مليار درهم. وأضافت السيدة الكرماعي في حديث لوكالة المغرب العربي للانباء، أن مساهمة المبادرة في هذه المشاريع التي يستفيد منها الفقراء والمعوزون بلغت 22ر1 مليار درهم، مضيفة أن هذه المشاريع مكنت من إرساء آليات للتمكين الاقتصادي وساهمت لاحقا في إدماج السكان في وضع صعب في الدورة الاقتصادية ” .
وأشارت إلى أنه حسب القطاعات، ساهمت المبادرة في خلق عدة أنشطة مدرة للدخل في مجالات الفلاحة ب 694ر3 مشروعا، والتجارة والصناعات الصغيرة وخدمات القرب ( 171ر1 مشروعا) والصناعة التقليدية ( 912 مشروعا) . وأكدت السيدة الكرماعي أن “المبادرة التي هي مشروع مغربي وضعه المغاربة لأجل المغاربة، ” تمكنت ، في وقت وجيز، من تحقيق “التغيير المجتمعي” في مجالات مثل الحكامة ، والولوج الى البنيات التحتية الأساسية وخلق أنشطة مدرة للدخل. وأضافت أن هذا “المشروع المجتمعي المتجدد والديمقراطي والتشاركي مكن من ترسيخ العمل العمومي في مجال التنمية البشرية وتحقيق مكاسب نوعية هامة” .
و أشارت من جهة أخرى إلى أن أكبر إنجاز يكمن في إعطاء دينامية للعمل الجمعوي ، والتي أسفرت عن نتائج ملموسة من حيث المبادرات في المرحلة الثانية من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2011-2015) ، والتي جعلت من تعزيز المشاريع الصغيرة المدرة للدخل إحدى أولوياتها . وأبرزت أن هذه المرحلة الثانية من المبادرة، التي تشجع بشكل “ملموس” خلق المشاريع المدرة للدخل، “تقدم منظورا من شأنه أن يعطيها دفعة جديدة من خلال دمج برنامج خامس للتأهيل الترابي”.
وقد استفاد من هذا البرنامج الخامس، الذي تطلب غلافا ماليا قدره 5 ملايير درهم، مليون مستفيد من ساكني 3300 دوارا ب 22 إقليما بالمملكة. وحسب السيدة الكرماعي ، فقد كان لمشاريع التأهيل الترابي تأثير إيجابي على المناطق المستهدفة في المملكة، والذي يكمن في تحسين ظروف عمل العاملين بقطاعي الصحة والتربية في هذه المناطق ” .
من جهة أخرى، أبرزت المسؤولة مختلف الإنجازات المرتبطة ببرنامج التأهيل الترابي عبر المملكة، خاصة إطلاق أشغال حوال 684 كلم من الطرق، وكهربة 1983 دوارا وإطلاق أشغال تقريب حوالي 127 دوارا. وأضافت أن هذه المبادرة الملكية ساهمت أيضا في تقليص معدل الفقر، خاصة في الجماعات القروية والأحياء الحضرية المستهدفة من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وأكدت السيدة الكرماعي أن ” المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لا تحل محل الاستراتيجيات القطاعية، لكنها تأتي كمكمل لها لتعزيز دورها “، مضيفة أن هذه المبادرة لا تدخر جهدا للإسهام في تنمية وتحسين مسلسل الاستقلال المادي للفرد خاصة عبر النهوض بالأنشطة المدرة للدخل”.
وأشارت إلى أن المبادرة “تتيح في كل أنحاء المملكة فرصا للجميع” من خلال ولوج المعرفة وحياة كريمة ومسلسل اتخاذ القرار. وأوضحت أن هذه المبادرة تعتبر “ورشا مفتوحا في تطور مستمر”، مركزة على عدة تحديات تم رفعها وتم اتخاذ مجموعة من الإجراءات المناسبة بشأنها، خاصة تعزيز مشاركة الشباب والنساء والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في هيئات الحكامة والنهوض بترويج، وتطوير المقاربة الفرعية ومواصلة بعض المشاريع في مجال السير. وخلصت المنسقة الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى أنه رغم كل التحديات، تبقى المبادرة “مشروعا مجتمعيا يقود إلى تحول اجتماعي حقيقي وتغيير نموذج مقاربة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا”.
وبعد مرور عشر سنوات على إطلاقها في 18 ماي 2005 من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، غيرت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كليا الحياة اليومية للمغاربة الذين يعانون من الهشاشة والإقصاء الاجتماعي من خلال تحسين مستوى عيشهم وتوفير الوسائل لهم من أجل تحقيق اندماج سوسيو-اقتصادي أمثل والتمتع بحياة كريمة وتسهيل ولوجهم للبنيات التحتية الاجتماعية الأساسية. ولعل ما يعكس هذه الدينامية الاجتماعية التي خلقتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هو تفعيل مشاريع، على مستوى مجموع التراب الوطني، لدعم البنيات التحتية الأساسية ومشاريع للتكوين وتعزيز القدرات، والتنشيط الاجتماعي والثقافي والرياضي، والنهوض بالأنشطة المدرة للدخل والكفيلة بخلق مناصب شغل.
وبجعلها العنصر البشري في قلب الأولويات الوطنية ورهانات الديمقراطية والتنمية، تشكل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خير تجسيد للنموذج المجتمعي المعتمد من قبل المملكة، الذي يرتكز أساسا على قيم التضامن والتماسك والعدالة الاجتماعية، المستلهمة من دستور المملكة، إذ يتمثل هدفها الأساسي في توفير جميع الحظوظ لفائدة المواطن المغربي حتى يتسنى له العيش في رفاه مستدام.
ولتحقيق هذه الغاية، حرصت المبادرة الوطنية على تأهيل قدرات وجودة مراكز الاستقبال الموجودة وعلى خلق مراكز جديدة متخصصة لاحتضان وتقديم المساعدة لأشخاص في وضعية هشاشة حادة، من قبيل المعاقين والأطفال المتخلى عنهم والنساء المعوزات والمشردين والمسنين والأيتام، والأشخاص المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة (السيدا) والذين يعانون من الإدمان. كما مكنت الأشخاص في وضعية هشاشة من ولوج خدمات ذات جودة والاستفادة من دعم المشاريع المدرة للدخل، إلى جانب تحسين الولوج للخدمات والبنيات التحتية ، والتنشيط السوسيو ثقافي والرياضي.
وهكذا، خلال الفترة 2005-2010 ، أي في المرحلة الأولى من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تم إنجاز أزيد من 22 ألف مشروع ومبادرة تنموية، ثلاثة آلاف و700 منها أنشطة مدرة للدخل لفائدة ما يفوق 5,2 مليون مستفيد. ويصل مبلغ الاستثمار الإجمالي إلى 14,1 مليار درهم مع مساهمة من المبادرة الوطنية قدرها 8,4 مليار درهم. وبالنسبة للفترة 2011-2014 ، تم إطلاق أزيد من 18 ألف و600 مشروع لفائدة حوالي أربعة ملايين شخص، فيما تم خلق أربعة آلاف و300 نشاط مدر للدخل.
وتهم هذه المشاريع التي كلفت تعبئة مبلغ إجمالي قدره 14 مليار درهم ، من بينها 8,2 مليار درهم ساهمت بها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، المشاريع الأربعة الأولى للمبادرة ، أي ما يعادل 7870 مشروعا من أجل البرنامج الأفقي و6381 مشروعا لمشروع محاربة الفقر بالوسط القروي ، و3122 مشروعا من أجل برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري، و1252 مشروعا خصصت لمحاربة الهشاشة.
وتمثلت القطاعات الرئيسية التي شملتها مشاريع المبادرة في قطاع الصحة (1470 مشروعا استفاد منها 340 ألف شخص)، و التعليم (3700 مشروعا و869 ألف مستفيد)، والماء الصالح للشرب (1700 مشروع ب 510 آلاف مستفيد)، والكهرباء (480 مشروعا و131 ألف مستفيد)، والطرق (1890 مشروعا و510 ألف مستفيد)، وكذا الأنشطة المدرة للدخل. وبخصوص حصيلة برنامج التأهيل الترابي (البرنامج الخامس للمبادرة)، الذي تم إطلاقه في إطار المرحلة الثانية للمبادرة (2011-2015)، فقد مكن، خلال الفترة (2011-2013)، من ربط 34 دوارا بشبكة الماء الصالح للشرب، وإنجاز 256 مشروعا تهم نقط المياه، وإنجاز أكثر من 521 كيلومترا من الطرق والمسالك، و19 منشأة فنية، وكهربة 1983 دوارا.
وهمت حصيلة برنامج التأهيل الترابي أيضا مجالي الصحة والتعليم، وذلك من خلال توفير 38 سيارة إسعاف، وبناء 60 مسكنا للأطقم الطبية، والشروع في الاستفادة من خدمات 27 مركزا صحيا، وبناء 674 سكنا لفائدة الأساتذة. وقد أعطت انطلاقة المرحلة الثانية للمبادرة 2011-2015 من طرف جلالة الملك، دفعة قوية تجلت من خلال الرفع من الغلاف المالي الذي صار يناهز 17 مليار درهم، مع توسيع قاعدة الاستهداف لتشمل 702 جماعة قروية و 532 حيا حضريا.
ومن خلال نتائجها ووقعها الوازن، كما وكيفا، تبرز المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، المشروع المغربي الخالص، كمقاربة تنموية خلاقة مكنت من تحقيق الأهداف المسطرة لها في مجالي التنمية الاجتماعية والبشرية. وقد ساهم في تحقيق هذه الأهداف جميع الشركاء الوطنيين والدوليين بما بوأ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية موقعا رياديا على الصعيد الدولي باعتبارها مشروعا خلاقا لحكامة التنمية البشرية. هي تجربة فريدة إذن، تتميز بالأصالة، وتكرس نفسها كمشروع مجتمعي يستند على فلسفة العمل في خدمة الآخرين في إطار مقاربة تشاركية وغير ممركزة.
التعليم يحتل المرتبة الأولى من حيث عدد مشاريع وأنشطة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
بالنظر إلى الاحتياجات المعبر عنها من قبل الساكنة عبر المبادرات المحلية للتنمية البشرية واستجابة لطلبات مشاريع اللجن الإقليمية للتنمية البشرية عبر المملكة تم انجاز 8155 مشروع ونشاط استفاد منها ما يقرب 2 مليون تلميذ بتكلفة مالية إجمالية قدرها 4 مليار درهم منها 2.9 مليار درهم حصة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
التنشيط السوسيو ثقافي ورياضي
في إطار المقاربة الشمولية للتنمية البشرية وبعية تشجيع التأطير الثقافي والرياضي للسكانة دعمت المبادرة الوطنية مجموعة من المشاريع والعملية السوسيو ثقافية والرياضية لفائدة الساكنة المحلية وقد تجلت هذه الديمانية من خلال 5238 مشروع وعملية منجزة بغلاف مالي يقدر ب4.1 مليار درهم حيث ساهمت المبادرة فيه بنسة 51 في المائة لفائدة 1.4 مليون مستفيد.
الولوج إلى الخدمات الصحية
من انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005 أخذ قطاع الصحة حيزا جد هام من منظومة المبادرة الوكنية بما مجموعه 3058 مشروع وعملية موزعة على تراب المملكة بتكلفة اجمالية تناهز 2.3 مليار درهم بمساهمة للمبادرة الوطنية تقدر ب1.2 مليون درهم لفائدة ساكنة تناهز 753 ألف نسمة.
رافعة للاندماج الاقتصادي
بالإضافة إلى الدور المحوري الذي تلعبه الأنشطة المذرة للدخل في محاربة مظاهر الفقر والهشاشة، فهي تقوي بشكل ملموس النسيج الاقتصادي المحلي عبر احتواء وإدماج القطاع غير المهيكل، كما تساهم في تشجيع المبادرة والتشغيل الفردي وكذا تمهد لاستقلالية أفضل للساكنة وخاصة منها النساء والشباب.
ففي متم سنة 2014 سجل ما يزيد عن 7432 نشاطا مدرا للدخل باستثمار إجمالي يناهز 2.4 مليار درهم منها 1.4 مليار درهم كمساهمة من المبادرة الوطنية لفائد 111 ألف مستفيد ومستفيدة.
مشاريع لمحاربة الهشاشة والفقر
إن فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومقاربتها تستمد من الخطاب الملكي السامي لجلالة الملك محمد السادس الموجة للأمة يوم 18 نونبر سنة 2005 والذي يبرز أهمية الاعتناء بالفئات الهشة اجتماعيا والتي تعيش ظروفا صعبة ومن أجل التقليص من مختلف أشكال الهشاشة قامت المبادرة الوطنية بمجموعة من التدخلات بمبلغ مالي يقدر ب4.7 مليار درهم لفائدة ما يقارب 1.02 مليون مستفيد.
شريك أساسي في التنمية
يزداد دور النسيج الجمعوي فعالية وأهمية من محاربة الفقر والهشاشة وكذا الاقصاء الاجتماعي ذلك أن 130 ألف جمعية وتعاون حاملة لأكثر من 17611 مشروع وعملية وذلك بنسبة تفوق 37 في المائة من مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
حكامة مشاريع المبادرة
ترتكز حكامة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مبادئ المقاربة التشاركية والاستهداف والتخطيط التصاعدي عبر التركيبة الثلاثية للجن التنمية البشرية والمكونة من المنتخبين وممثلي المجتمع المدني والمصالح اللاممركزة للدولة.
المهدي زيان