السبت , أكتوبر 26 2024

هاك آ ماما Hak A Mama بحث في التراث الغنائي الشعبي المغربي

   ” هاك آ ماما ”  أغنية ثراتية مغربية ، تندرج ألحانها و كلماتها ضمن التراث الشفاهي و الموسيقي اليهودي في شمال إفريقيا الغني بمضمونه و ألحانه ، وتتميز هذه الأغنية التراثية عن غيرها بكونها قدمت في أطباق فنية عديدة دون أن تفقد قيمتها التاريخية و الجمالية .. و كلمة  ” هاك ” بالدارجة  المغربية تعني ” خذ ” ، و كلمة ” ماما ” هي لقب كانت توصف و تدلع به الحسناوات العذراوات في حواضر المغرب الاقصى أنذاك  .

و من أخر الفنانات اليهوديات التي غنتها هناك الاسرائيلية من أصل مغاربي :

Neta Elkayam

قصة الأغنية :

     تعود جذور الأغنية حسب بعض المهتمين بالتراث الشفاهي الشمال إفريقي ، إلى قصة شاب قروي بسيط من أحواز متواجدة على الأرجح  بين مراكش و فاس ، و  كان يتاجر في القماش ، و عانى خلال ريعان شبابه  من عدم إيجاده شريكة  كما يتمناها ، و عانى أكثر من صلابة التقاليد و الأعراف الدينية التي لا تسمح  بالزواج من خارج العائلة و القبيلة  و الدين ..

 و في رحلة تجارية  له الى أحد المدن التجارية الكبرى التي كان يجلب منها بضاعته ، أصيب بوعكة صحية إستدعت مكوثه فيها  الى حين شفاءه ،، و هذا ما وقع حين دعي الى أحد قصور التجار اليهود  الكبار للبقاء الى أن تتحسن حالته .. و خلال نزوله بالقصر وقعت بينه و بين إبنة التاجر العذراء قصة حب أبدية  ، تختزنها عمق  كلمات الأغنية حكاية عشقهما و ما رافقها من تجاذبات و قيود  و براءة  و حب أفلاطوني جمع بين إثنين  ، و أرغمه على البقاء في المدينة  مكافحاً من أجل حبه الذي إصطدم بواقع مذهبي و قبائلي و كيدي معقد ..

 

و من بين النسخ المتوفرة للأغنية هناك نسخة حاييم بوطبول اليهودي الأصل  بتوزيع و ألحان الطرب المغربي الأصيل ، النوع الغنائي الذي كان شائعاً في منتصف القرن الماضي

شرح  كلمات  الأغنية :

مولاي ابراهيم صاحب الفوقاراء ( الفوضى)

راه يقضي حوايجي و نقولو لفعالة

 للإشارة فقط فهناك من يستعمل لفظ الفوقاراء في القصيدة ، و هناك من يلفظها ب الفوضى ، و كيفما كان اللفظ فهو لا يغير في معناها شيئاً ، مادامت اللفظتين تشبران الى  أصحاب الكرامات و التصوف ،، و في مطلع  القطعة  ، بيتٌ  يتوسل به ولي صالح يعرف بإسم مولاي ابراهيم ، المعروف بكراماته و قدارته الروحية و العلاجية ، في مدّه بالعون و التيسير في حياته ، ليعقد القران ب محبوبته و يتقي من خلال دعواته شر الحاسدين و الحاقدين .

دڭ الخلالة

خراص كبار و نبالة و ميات ريالة

باش نكافي حسان ماما

“دكّ الخلالة ”  : حين يعيدها اكثر مرة ، فهو يؤكد على تمسكه بالارتباط  بها ، و هي عبارة استعارية كانت تقال  كوعد لدلالة على نية الارتباط و الاقتران بين الشباب ، و يمكن ان نقول أن مرادفها الان في الثقافة الشعبية  هي ” نديرو الخاتم ” .
“خراص كبار و نبالة و ميات ريالة ” : “الخراص ” هما حلقتي الاذن ، و ربما يكون كبرهما كدلالة على قيمة الهدية التي ستقدم لها ، مادام كلما كبرت الخراص كلما إرتفع ثمنها  ، و “النبالة” هي من أنواع الحلي الأمازيغي  أو ما يسمى حالياً ب “البراسليات ” ، أما “ميات ريالة” فهي تعني ببساطة مبلغ ضخم من المال أنذاك ـ سيقدمه لحسناءه كصداق و مهر   .
” باش نكافي حسان ماما ” :  و هنا أشار الى  أن محبوبته في قمة الروعة و الجمال التي برر بها قيمة الصداق و الهدايا التي يريد أن يكافئها بها   .

آ للا ماما، و اذا عصينا و حنا لله تايبين

الزين الزين ما نفوتو (ما ندوزو)  واخا و نموت بالحديد

و تكون السنسلة عليا (ف عنقي)  و يكون رسامها جديد

” أ للا ماما ، و إذ عصينا و حنا لله تايبين ” : يؤكد الشاعر الشاب أن العشق الذي يجمعهما  حتى لو كان معصية ، ف لله يقول لمحبوبته العذراء نحن تائبين ، و بأن إلاه واحد هو الذي يجمعهما رغم تباين معتقداتهما .

” الزين الزين ما ندوزو ، واخا و نموت بالحديد ” : هنا يتحدى الجميع ، و يعد بأنه لن يفرط في محبوبته حتى لو كلفه ذلك روحه و الضرب بالسيوف .

” تكون السنسلة عليا و يكون رسامها جديد ” : هنا يشير الى أنه مهما كانت القيود و الضغوط التي يفرضها عليه الآخرون بالتخلي عنها ، و على الأرجح يقصد الأقارب و طائفتيهما ،  فلن يفعل .

خبز السرغينة 

ما ناكل فيه ما ندوقو

يخلي مولاتو

بنت حليمة اللي عجناتو

في هذا المقطع  يشير الى أنه يرفض الإرتباط بإحداهن في منطقة السراغنة ، و ينكر بشدة  نيته في الإقتراب منها  او أي نوايا  لإقامة علاقة معها كيفما كانت ، ” يخلي مولاتو ” تعبير عن شدة  كرهه لسيدة ما يعرفانها معاً ،  هي سبب حكاية السرغينية  ، و  فصح على أن من  تسمى  ب ” بنت حليمة ” هي من لفقت و دبرت تلك القصة ، و لا شك أنها من أقاربه أو أقاربها تبغيه و تريده لنفسها ، و كل الحكاية ليست الا من دسائس و كيد النساء   .

علاش يا محبوبي

شهاد العملة عملت فيا 

كثرت عجوبي

شفيت الحاسدين فيا

في هذا المقطع يشتكي لحبيبته من تعنتها الظاهر و عدم تصديقه إياه بحبه الجامح لها  ، و يخبرها بالألم الذي يسببه كل  ذلك ، و بإن بكثرة ما بدأت تضعه من عراقيل في علاقتهما ، أضحى حديث الحاسدين الذين لا يهمهم الا فشل علاقتهما و فك إرتباطهما الروحي ، و تدمير حياتهما الحالمة .

و ربما يعود الفضل الى عودة هذه الأغنية الى الواجهة في الأشهر الأخيرة ، و شيوعها في صفوف الشباب للفنان الواعد  فيصل أعزيزي  ، الذي أعادها بتوزيع جديد يلائم ذوق أجيال اليوم .

 

التسجيل الأقدم للأغنية : 

التسجيل الأقدم للأغنية أو ربما تكون صاحبتها فعلاً نظراً لإختلاف الروايات ،  فهو للفنانة  زهرة الفاسية التي ولدت عام 1905  من أسرة يهودية ، بصفرو نواحي فاس ، و هي تعتبر من الفنانات الرائدة في الطرب الملحون التي طبعت هذا الفن الغنائي و الموسيقي عبر العقود ، و إمتدت مسيرتها الفنية من بداية العشرينات الى  عام 1960 ، و حققت في أواخر أيام  تواجدها بالمغرب نجاحاً باهراً .. قبل أن تغادر الى عسقلان بإسرائيل حيث قضت فيها ما تبقى من حياتها وفيةً لأصولها و فنها ،  الى أن وافتها المنية سنة 1994 .. و هذا التسجيل الذي يعود إليها  ، يعد من أقدم و أروع النسخ الكاملة الموجودة لأغنية ” هاكا آ ماما ” ..

الأداء الشهير للقطعة  :

ربما لن يختلف أحد من المهتمين بالتراث الشعبي و الشفاهي و المحبين للأغنية ، أن من ترك لها هذه الشعبية و  هذا الصدى العميق و المبهر ،  هو أبرز من أنجبتهم هذه البلد في الأونة الأخيرة ، الفنان الرائع  المبدع “بوجميع” قائد و رائد فرقة ناس الغيوان ، الذي فارق الحياة  في ريعان شبابه و في أوج توهج مجموعته الغنائية  ..و ذلك من خلال تأديتها في قالب درامي و فني  داخل فصول و أحداث مسرحيتهم الشهيرة  ” الحراز ” ، المقطع الغنائي الذي شاركه في أدائها رفيقه و زميله  الفنان  ” عمر السيد ”  ، و ربما تكون بصمته الإبداعية المميزة التي إنفجرت خلال هذا المقطع  ، هو من ممهد  ل ” هاكا آ ماما ” لنيل كل هذه الشهرة و  النجاح المبهر  في الماضي و الحاضر ، كقطعة فنية متميزة  لا تتكرر كثيراً  …

 

https://www.youtube.com/watch?v=Tw5DkaMnYC8

أخر نسخة رائجة للأغنية :

تبقى قوة الكلمة هي من تمد المادة التراثية و الفنية بالقوة لإستمرارها في إختراق و إشباع  أذواق الأجيال بمختلف مشاربهم الثقافية و الفلسفية في الحياة ، و هذا ما خول ل ” هاك آ ماما ” المادة التراثية الفنية  أن تكون قطعةً دسمة تلهم و تغري جميع المهتمين و المبدعين و العشاق لكل ما هو فني و تراثي .. و نسخة سليم هي أخر صيحة لهذه الأغنية التي برهنت على صمودها و تميزها في وجه جميع التيارات و المؤثرات ..  

 

كلمات الأغنية

آ للا ماما، اذا عصينا حنا لله تايبين

الزين الزين ما نفوتو (ماندوزو) واخا و نموت بالحديد

و تكون السنسلة عليا (ف عنكّي) و يكون رسامها جديد

و يكون رسامها جديد

دڭ الخلالة

خراص  كبار و نبالة  و ميات ريالة

 

باش نكافي  حسان ماما

هاك آ ماما

دڭ الخلالة

خراص كبار و نبالة و ميات ريالة

باش نكافي حسان ماما

خبز السرغينة 

ما ناكل فيه ما نذوقو

يخلي مولاتو

بنت حليمة اللي عجناتو

علاش يا محبوبي

شهاد العملة عملت فيا 

كثرت عجوبي

شفيت الحاسدين فيا

علاش يا محبوبي

شهاد العملة عملت فيا 

كثرت عجوبي

شفيت الحاسدين فيا

مولاي ابراهيم صاحب الفوضى (الفوقاراء)

راه يقضي حوايجي و نقولو لفعالة

دڭو الخلالة

خراص كبار و نبالة و ميات ريالة

باش نكافي حسان ماما

هاك آ ماما عطي لماما

دڭ الخلالة

خراص كبار و نبالة و ميات ريالة

باش نكافي حسان ماما

علاش يا محبوبي

شهاد العملة عملت فيا 

كثرت عجوبي

شفيت الحاسدين فيا

 أمكسا  

نشر من قبل: منصف بنعيسي

منصف بنعيسي ويبماستر موقع زاكورة نيوز.

ربما أعجبك أيضا

فيديو: بشرى لساكنة هذه المناطق.. تزويد عدد من الجماعات بين أكذر وزاكورة بمياه سد أكذز

في هذا الفيديو، نقدم لكم خبرًا سارًا لسكان المناطق بين أكذر وزاكورة، حيث تم الإعلان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *