عبد العزيز المرابط
يبدو أن جماعة تامكروت بإقليم زاكورة تأبى الإنخراط في مسلسل التنمية الذي تعرفه باقي الجماعات بالإقليم، فقد أصبحت عديد من نشاطاتها ومشاريعها التي تخولها لشركات ومقاولات محط امتعاض وتذمر بين مختلف المتتبعين بالمنطقة وعلى رأسهم المواطنين المعنيين بتلك المشاريع.
ولعل أكبر دليل على هذا التذمر هو ما حل اليوم بساكنة دواوير تكمدارت، بعد “إصلاح” وتهيئة المسلك الطرقي الرئيسي الذي يتخلل منطقة تكمدارت، نظرا لجسامة اللامسؤولية واللامبالاة وعدم احترام كرامة وإنسانية الساكنة بالمنطقة أثناء “إصلاح” هذا المسلك.
أكيد أن المتتبع لحيثيات هذا المشروع سيتأكد له بمجموعة من القرائن أنه وجه آخر من أوجه المحسوبية والزبونية والإختلاس الذي تعرفه مجموعة من المشاريع بالمنطقة، كيف لا والمشروع رصدت له ميزانية ضعيفة جدا مقارنة مع أهمية ووعورة المسلك الطرقي، وقد تم إنجاز هذا المسلك في أقل من أربعة أيام، والنتيجة هي الحالة المزرية والمأساوية للطريق اليوم بعدما تم إصلاحها/إفسادها.
واستنادا إلى المعلومات التي حصلتُ عليها من عين المكان، ومن مصادر حول ذات الموضوع، فإن الجماعة الترابية بتامكروت قد خصصت ميزانية 15 مليون سنتيم لإصلاح هذا المسلك الذي يربط بين الطريق الوطنية رقم 9 ودوار أيت خدو، مرورا بدوار أسرير إكناون وبني عثمان. ومعلوم أن هذا المسلك يعد الطريق الرئيسي لكل من ساكنة دواوير: أسرير أكناون وبني عثمان وأكرور وأيت بولغمان وإنكزاط وأيت خدو.
ويذكر أن هذا المسلك الأساسي للساكنة يعرف لعشرات السنين حالة مزرية جدا خصوصا بعد تساقط الأمطار، وكذا من حيث منعرجاته الخطيرة التي تسببت في غير ما مرة من حوادث سير خطيرة جدا، بالإضافة إلى الحفر الكبيرة التي تؤثث الطريق من بدايتها إلى نهايتها. وهو الأمر الذي دفع الساكنة على مر السنوات إلى مطالبة المسؤولين برفع هذه المأساة عنهم وفك عزلتهم وعزلة أبنائهم عن المؤسسات التعليمة وباقي مرافق المدينة.
وفي ظل هذه الوضعية، وكثرة الطلبات والصرخات من “المواطنات والمواطنين” للتخفيف من أزمة هذا المسلك الذي أنهك أجسادهم وبعيرهم وسياراتهم، استجابت جماعتهم الترابية لطلبهم ولو بشكل متأخر، وذلك بمنح مشروع إصلاح هذه الطريق لشركة “متخصصة” في هذا المجال.
وبالفعل انطلقت الأشغال بالطريق، واستبشرت الساكنة خيرا، خصوصا أن آمال العديد من المشاريع التنموية والسياحية بالمنطقة معلقة على هذه الطريق. لكن، ومالم يكن فالحسبان هو سرعة انتهاء الأشغال والإرتجالية التي صاحبت المشروع والتأثيرات الجانبية لهذه الإرتجالية المتمثلة أساسا في وضع أكوام من الأتربة والأحجار الكبيرة على جنبات الطريق والمسالك الفرعية الأخرى وأمام مداخل بيوت الساكنة وكذا هدم أسوار الضيعات الفلاحية وتخريب شبه كلي لبعض مجاري المياه (السواقي) الأساسية بالدواوير.
وقد انتهت الأشغال بسرعة، وخلفت وراءها جدلا واسعا بخصوص جودة الطريق واحترام دفتر التحملات، والضرر الذي خلفته الشركة بممتلكات المواطنين خصوصا تخريب الأسوار وجلب الأتربة (التراب الأبيض/البياضة) عوض (تريست)، بالإضافة إلى الضرر الكبير الذي لحق مجاري المياه (االسواقي) التي أصبحت غالبيتها ممتلئة بالأحجار الكبيرة والأتربة التي جلبتها الشركة إلى المنطقة
كما أنه، وبالنظر لجسامة الضرر الذي ألحقته الشركة بممتلكات ساكنة الدواوير التي تعرف أصلا هشاشة وانعدام لمقومات الحياة الكريمة (إنارة ضعيفة جدا، ومنعدمة بمجموعة من المقاطع الطرقية الأساسية بالمنطقة، الإنقطاع المتكرر للماء الصالح للشرب…الخ)، يتساءل سكان المنطقة: ألم يحن الوقت لتخرج دفاتر التحملات المتعلقة بالصفقات العمومية من السرية إلى العلن؟ ضمانا للشفافية وتوضيح الحقيقة. ألم يحن الوقت لإرساء المبدأ الدستوري الرامي إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ ألم يحن الوقت لتتبع وتقييم المشاريع؟ ألم يحن الوقت لنحترم سلامة وكرامة المواطنين؟ ألم يحن الوقت لصيانة المال العام وحمايته من التلاعبات وسوء التدبير؟
أعتقد أننا يجب أن ننتظر الأمطار كي تعري “ماكياج” هذه الطريق، وتكشف معها الفساد والغش الذي يعشش في عقول المسؤولين عن إصلاح هذه الطريق، والذين أبانوا عن علو كعبهم في ضرب كل القوانين والدساتير والإلتزامات عرض الحائط، والتغافل عن مبدأي العدالة المجالية وربط المسؤولية بالمحاسبة اللذان كرسهما صاحب الجلالة في غير ما مناسبة وطنية أو دينية.
وفي ظل هذه الأزمة التي خلقتها الشركة بممتلكات المواطنين بالدواوير، وتكريسا لمبدأ الوضوح والشفافية، فإن الساكنة تستنكر وتندد بالأفعال اللامسؤولة للشركة، وتناشد السيد رئيس جماعة تامكروت بإجبار المقاول الذي أنجز المشروع بتدارك وإصلاح أخطائه بشكل جذري، وذلك بإعادة إصلاح الطريق حسب المعايير المنصوص عليها في دفتر التحملات، وأن تعاقب الشركة بالإقصاء من جميع الصفقات العمومية بصفة نهائية، نظرا للامبالاة واللامسؤولية التي تعاملت بهما الشركة أثناء إصلاح هذه الطريق.