الصورة من الارشيف
في الوقت الذي يُنتظر فيه أن تتفاعل مؤسسات الإعلام العمومي مع التقسيم الجهوي الاخير مواكبة منها لتنزيل ورش الجهوية المتقدمة في مختلف جهات المملكة، تصنف جهة درعة تافيلالت ضمن الجهات « المغضوب عليها » من لدن الإعلام العمومي، من خلال تسجيل سحب لصحفيين كانوا يشتغلون ببعض أقاليمها دون تعويضهم وإغلاق مكاتب كانت قبل إحداث الجهة تشتغل بشكل عادي ومستمر، وهو ما يعتبروه المتتبعون للحقل الإعلامي بأقاليم تنغير وورزازات وزاكورة وميدلت والرشيدية استهتارا بمستقبل التنمية في الجهة وبخدمة عمومية تعتبر واحدة من حقوق المواطنين ب « المغرب العميق ».
وفي الوقت الذي شرعت العديد من المؤسسات العمومية والقطاعات الوزارية في إحداث مديرياتها الجهوية بجهة درعة تافيلالت، تفيد معطيات مؤكدة حصلت عليها « الجريدة « تسجيل جملة من التدابير همت تقليص عدد الصحافيين العاملين بمؤسسات الاعلام العمومي بالجهة، من قبيل إغلاق وكالة المغرب العربي للأنباء لمكتبها بورزازات وسحب الصحفيين بهذا الإقليم،والاكتفاء بمكتب جهوي يغطي كافة تراب الجهة بصحفي واحد(تحرير عربي) إشتغل منذ إحداث الجهة إلى غاية سنة 2017حيث التحق زميل له كان يشتغل بدولة السنغال، وتشمل مهامهماجميع أقاليم الجهة الخمس.
وبخصوص الإعلام السمعي البصري فجهة درعة تافيلالت لا تتوفرحاليا سوى على مصور صحفي واحد مراسل لقناة الأولى يتحرك على مستوى تراب الجهة، ويتكلف زملاؤه بالرباط بالتعليق علىمختلف المواد الإخبارية التي ينجزها. فيما لا تتوفر الجهة ذاتها على اي صحفي للإذاعة الوطنية التي تتوفر على محطة ضلت محروسة منذ عقود دون تمكين سكان الجنوب الشرقي منخدماتها.
ووفق معطيات الجريدة، تتساء الفعاليات المدنية والسياسيةوالجمعوية عن إصرار القناة الثانية على عدم تعويض الصحفي الذي تم سحبه قبل أزيد من سنتين وإلحاقه بالدار البيضاء قبل تعيينه من جديد بمكتب الصويرة، في الوقت الذي يشتغل في مكتب ورزازات مصورين صحفيين يعلق زملاؤهم بالدار البيضاءكذلك على المواد الإعلامية التي يتكلفون بإنجازها من لدن مديريةسميرة سيطايل. بالاضافة إلى « ضعف أداء مكتب الرشيديةللقناة الثانية بسبب إكتفاء الفريق المحلي للقناة بتغطية بعض الأنشطة من لدن المصور الصحفي بشكل منفرد مع غياب شبه تام في الميدان للصحفية المعينة منذ الحركة الانتقالية التي باشرتهامديرية الأخبار بقناة عين السبع بالنسبة لصحفيي المكاتب الجهوية، تؤكد المصادر.
وفي السياق ذاته، تفيد المعطيات الواقعية بغياب تمثيلية قناةميدي 1 تيفي على المستوى الجهوي، والغياب التام للمكاتب الجهوية للإذاعات الخاصة والجرائد الوطنية، وغياب مكاتب باقيقنوات القطب العمومي بأقاليم تنغير وزاكورة وميدلت، وهو ماتنتقده فعاليات مدنية وإعلامية من مختلف أقاليم جهة درعة تافيلالت، مستغربة مما تصفه بعدم جدية القائمين على هذه المؤسسات من حيث مراعاة التنوع والعدالة المجالية والمساهمة في الترويج الاقتصادي والسياحي والثقافي المطلوب.
ومن جانب اخر، أكدت مصادر خاصة ل »الجريدة » أن قناة تمازيغت بدورها لم تفلح في محاولتها مواكبة ورش الجهوية بدرعة تافيلالت بعدما عينت مراسلا منذ أزيد من سنة بدون تكليف رسمي وبدون إمكانيات لوجيستيكية وبدون أدنى تحفيز مما اضطر معه الصحافي، بحر الأسبوع المنصرم، ليعود أدراجه صوب الرباط.
كرومي: ما ينجز لا يرقى إلى الرهانات المعقودة على
وتعليقا على واقع خدمة الإعلام العمومي بالمجال الترابي لدرعة تافيلالت يرى قال حفيظ كرومي نائب الكاتب العام لمركز جهةدرعة تافيلالت للإعلام إن ما يلاحظ اليوم في المواد السمعيةالبصرية والمكتوبة التي تنجزها قنوات ووسائل الإعلام العمومي بالجهة الفتية “درعة تافيلالت” لا يرقى إلى الرهانات المعقودة علىما يرجى من الإعلام لتنزيل مبدأ الجهوية، حيث تحتاج الجهة بأقاليمها الخمسة إلى اهتمام خاص وتمييز إيجابي إعلاميا حتى تبرز خصوصياتها ومؤهلاتها على مستويات عدة، وحتى يستقر لديها شعور بالوجود والفاعلية داخل منظومة المجتمع الوطني. « و أعتقد أن ضعف حضور الجهة “كما و نوعا” في الإعلام العمومي هو أمر طبيعي وحتمي مرده مجموعة من الظروف والإكراهات التي تحكم عملية نشاط الإعلام بالجهة في علاقة مع الرهان التنموي. »
وأشار كرومي، في تصريح ل » الجريدة » إلي أن المطلع على مايبث في قنوات القطب العمومي، لا يلمس أي تجديد أو تحسين في استراتيجيات التغطيات الإعلامية، فكانت ولازالت تقتصر على بعض الأنشطة الرسمية ونزر قليل من مواضيع مناسباتية، بل أصبح الرهان أكبر ولم يواكبه تحسين لظروف الاشتغال وآلياته،وبالطبيعة لم تتزحزح جودة الإنتاجية من مكانها إن لم نقل تراجعت.
الدليل على كل ما سبق، أن القناة الأولى والتي سبقت إلى الجهةمنذ مدة، لازالت تعتمد مصورا صحفيا واحدا أعزلا بعاصمة الجهة”الرشيدية”، بعدما استغنت الشركة عن محطة “المونتاج”والإرسال، فأصبح يقوم بدور الصحفي والمصور الصحفي والسائق والقائم بعملية إرسال المنتوج الخام في “الكاسيط” ليعالج بدارالبريهي.
وأضاف خريج المعهد العالي للإعلام والاتصال « هذا الصحفي،سيشتد عضده بآخر من نفس الشركة المشغلة لكنه قادم من القناة الثامنة، والذي سيكون عليه منذ إحداث الجهة، تغطية الأحداث بمجموع تراب الجهة المرتب ثانيا من حيث مساحة الجهات بالمملكة، وتدبر وسائل تنقله الخاصة، بالإضافة إلى القيام بنفس مهام الأول، فيما يعيش طاقم القناة الثانية شيئا من بحبوحةالعيش المهني، حيث يتوفر على فريق متكامل من حيث التخصص، لكنه يظل وحيدا في الجهة ينتظر تأشير “المركز” على كل حدث قبل التغطية ».
وعن وكالة المغرب العربي للأنباء، يرى المتحدث ذاته، أنها لم تولي الجهة ما تستحق من موارد بشرية، وعلى قلة هذه الأخيرة، لمتوفر لها شروط العمل الصحفي المهني، حيث يعمل صحفيان دون سائق ولا مصور، ويقطعان 132الف كلم مربع على طول وعرض أقاليم الجهة متنقلين لتغطية مختلف الأنشطة الرسميةوالجمعوية، مبرزا أن ما تحتاجه الجهة اليوم، بالنظر إلى ما تزخربه من إمكانات بشرية وطبيعية وباطنية، وبالنظر إلى حركية هيئات المجتمع المدني، هو تغييب مسببات الحصار الإعلامي، عبر تعزيز تمثيلية وسائل الإعلام العمومي بخلق مكاتب لكل من وكالةالمغرب العربي للأنباء والقناتين الأولى والثانية، وإيصال صوت مواطني الجنوب الشرقي إذاعيا، فضلا عن تحسين ظروف اشتغال الصحفيين وخلق محفزات الانخراط التام في مسلسل التنمية من أجل جهوية تستفيد من مؤهلات المنطقة وتستجيب لتطلعات المواطن.
الإدريسي: الاعلام العمومي المغربي لايحترم التنوع المجالي ولايزال يمارس الاقصاء على بعض المناطق
من جانبه، قال مولاي رشيد الإدريسي، رئيس مؤسسة تنغير للصحافة والاعلام، إن الاعلام العمومي المغربي لايحترم التنوع المجالي، ولايزال يمارس الاقصاء على بعض المناطق، وبالخصوص جهة درعة تافيلالت التي لاتستفيد من خدمات وسائل الاعلام العمومية من حيث تغطية الاحداث أو الترويج السياحي للمنطقة،وإقصاء من خدمة البث الاذاعي FM إذ لاتصل تردادت الاذاعات الخاصة الى تنغير على سبيل المثال.
وأكد الإدريسي، في تصريح صحفي أنه أصبح من الضروري التوجه للإعلام الإلكتروني الذي أصبح بديل الاعلام الرسمي الغائب عن جهة درعة تافيلالت، ففي الوقت الذي خلنا فيه أن الاعلام العمومي المغربي تخلص من إرث الماضي من اقصاء وتهميش لدرعة تافيلالت، نجده ما يزال رهين التحكم، فبعد أن تصالح المواطن مع إعلامه العمومي خصوصا لما بعد دستور 2011، بات من الضروري أن يتحمل هذا الاعلام مسؤوليته وأن يتخلص من عقلية الاعلام القديم الذي كان مجرّد مرآة عاكسة للسلطة لاللمواطن، وأن يعتمد المناصفة بين جميع المناطق للاستفادة من الخدمة العمومية.
وفي سياق متصل، سبق لرئيس مجلس درعة تافيلالت أن وجه رسالة لوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة في حكومة عبد الاله بن كيران، حصلت « الجريدة « على نسخة منها يطالب من خلال باتخاذ الحكومة التدابير الكفيلة بإنصاف جهة درعةتافيلالت إعلاميا من خلال تحمل قنوات القطب العمومي مسؤولياتها اتجاه ساكنة ومؤسسات أقاليم الجهة، منتقدا في السياق ذاته، ما وصف بكارثية أوضاع ممثلي قنوات القطب العمومي وغياب الإمكانيات التقنية والبشرية الكفيلة بمواكبة ورش الجهوية المتقدمة الذي تراهن عليه بلادنا من خلال التقسيم الجهوي الأخير.
نبارك أمرو ـ الرشيدية