يبدو أن الهوة ستتسع بين الحكومة وبنك المغرب، خاصة عقب الأرقام المخيفة التي أعلنها والي البنك، عبد اللطيف الجوهري، حول توقعات النمو الاقتصادي الوطني في السنة الجارية، والتي أكد أنه لن يتجاوز 1 في المائة.
رقم مخيف جدا، « زعزع » حكومة عبد الإله بنكيران، كما لقي صداه في الدواوين الوزارية، خاصة وأن الأمر يتعلق بسنة مليئة بالحسابات، كما ستشهد استحقاقات تشريعية. لكن بالرغم من هذه العلاقة المتشابكة بين هذه الأرقام والسياسة في جزئياتها، إلا أن الحكومة التزمت نوعا من الصمت حول الأرقام، كما لم تتحرك لكسر حاجز القطيعة الذي يطبع علاقتها مع اهتمامات البنك الوطني المركزي وانشغالاته.
فالحكومة سطرت أرقامها بمعزل عن نظرة ورؤية الوصي على الدرهم المغربي، فيما البنك المركزي الوطني لم يستطع قطع مسافة القطيعة بينه وبين السلطة التنفيذية.
وفيما اعتبرت الحكومة، على لسان ناطقها الرسمي، مصطفى الخلفي، أن الاقتصاد المغربي « بخير »، بالرغم من ما أعلنه البنك من أرقام ترسم صورة قاتمة وسوداوية عليه، عقب اجتماع مجلسه المركزي يوم 22 مارس المنصرم، إلا أن الجوهري لا يترك فرصة إلا ويعيد التأكيد على أن الحقيقة الكاملة ليست ما تقوله الحكومة المتشبثة بنظرتها التفاؤلية لأهداف يدخل فيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والانتخابوي حتى، بل عكس ذلك تماما.
وفي آخر ظهور له يوم السبت الماضي بأكادير، كشف عبد اللطيف الجوهري، في ندوة « الملجس الوطني للمقاولات »، أن حقيقة الاقتصاد الوطني مرة مبرزا أن الإجراءات الحكومية الحالية لا تتجه به للحل بل لمزيد من التعقيدات. كما أعاد التأكيد على أن نسبة النمو ستكون ضعيفة للغاية ودون المستوى المتوسط للأرقام التي أعلنتها السلطة التنفيذية.
مصادر حضرت الاجتماع المغلق أكدت أن المقاولات قادرة على « فضح » الحكومة وكشف زيفها أمام الرأي العام، وذلك ردا على انتقادات موالين للحكومة للمقاولين الكبار بخصوص التوقعات والسياسات التنموية والاقتصادية. ويتهم هؤلاء حكومة بنكيران باعتماد سياسة تنموية واقتصادية ونقدية بطيئة، كما يعيبون عليه انعدام جسور الثقة بينه وبين الفاعلين الاقتصاديين، ما جعل الهوة تستمر. كما ينتقدون استمرار إثقاله لكاهل المقاولات والشركات بمزيد من الضرائب وغياب شروط التشجيع وفرص الاستثمار أكبر.
وبالرغم من تسجيل البنك لوضع تحسن على مستوى السيولة، إلا أن الجوهري يعيب على الاقتصاد الوطني عجزه عن خلق فرص تشغيل أكثر وتقديم إنتاجية أفضل، ما يجعل منه اقتصادا نخبويا وليس وطنيا. لذلك تتحمل الحكومة جزءا كبيرا من المسؤولية، في وقت تبدو فيه الحاجة ماسة إلى تحركات ميدانية لتجاوز العثرات التي تؤخر زمن الإصلاح لأسباب غير مفهومة، حسب البعض.
ويوصي البنك بالتركيز على عدد من المؤهلات المميزة للمغرب وتشجيع الاستثمار الجهوي، مع العمل للقطع مع المركزية المركزة والبحث عن مجالات التصنيع والاستثمار الواعدة مع أقل تكلفة، للنهوض أكثر بوضع الاقتصاد والمستثمرين، مع إيلاء مسألة إعادة الثقة، بالأمور الملموسة، والتواصل بينهم وبين السلطة التنفيذية الأهمية التي يستحق.
المصدر: الموقع الاخبار فبراير