الأحد , مارس 23 2025

التطرف الديني ..إجرام خارج حدود الإسلام

بقلم ذة : مريم زينون

إن واقع الحال في العالم العربي الإسلامي يثبت اليوم أكثر من الأمس أن الحداثة السياسية التي يتم اعتمادها لأجل إقرار قيم حقوق الإنسان للانعتاق من الاستبداد الاجتماعي والاحتكار الاقتصادي لن تؤدي سوى لتعميق حدة الصراع وفتح واجهات صراع بين أنصار الحرية وخصومها حول علاقة الإسلام بالحداثة ومناصرة الهوية الإسلامية – دون تحديث في آليات التفكير أو انفتاح على عقائد شعوب أخرى- مثل هذا التعارض ينتج لامحالة خصومين متناقضين من أنصار الحرية والكرامة المطالبين بتحديث الإسلام وأنصار العقيدة المطالبين بعزل الدين عن الحداثة، نفس الصراع التاريخي كما تشهد عليه الفلسفة الإسلامية بين الفرق الكلامية ،إلا أن الفرق هو أن مجريات التحولات المعاصرة استدعت انخراط مجتمعات العالم الإسلامي في هذا التحول الحداثي رغم عدم امتلاكها لمقوماته كما يحدث في العالم الغربي ، مما جعل المجتمعات الإسلامية تدخل في مأزق سياسي انعكس بشكل كارثي على الحياة الاجتماعية والاقتصادية ليخلق وضعية التضاد بين القوى السياسية في تدبير الشأن العام للدولة رغم أنها من اختيار الشعب وبإرادته.

وكما تقوم الحداثة على مشروعية الحرية الإنسانية والعدل والكرامة فالإسلام أيضا يؤسسها كقيم دينية كونية إلا أن التغيير المفاجئ والسريع بفعل العولمة والانخراط فيها جعل العالم الإسلامي يهتز في قيمه وتختل مرجعتيه الدينية خصوصا أمام إلزامية انخراطه في عجلة التنمية الدولية والعالمية نظرا لسيطرة الغرب على اقتصاده .

من هنا فإن الحديث عن الإرهاب أو الإجرام المنظم يأتي في سياق تشخيص هوية العقل العربي في استيعابه جدلية الحداثة الإسلامية والحداثة السياسية عبر لغة مشتركة والتي هي الأصل الشرعي في الوجود الإنساني ألا وهو ” الحق في العيش الكريم ” المرتكز على ثلاث مقومات حقوقية أساسية ( الحياة ،العدالة، الكرامة ) لذلك فالحقوق السياسية لا تنفصل عن الحقوق الدينية في تجذير سيرورة تكريم الإنسان بالعدل والمساواة الشيء الذي لم يحقق إلا جزئيا لتتولد عنه تيارات فكرية وايديولوجيات دوغمائية تنهل من المخيال الجماعي ذو التصور العدائي لمفهوم الإسلام الحداثي والذي يكرس في عمقه العداء للمجتمع وأنظمته في صورة مرضية تختزل تركيبة من العقد النفسية متجذرة في مكبوتات اللاشعور الفردي للمواطن و التي لا علاقة لها بدينه وعقيدته بقدر ما لها علاقة بتكوينه السيكولوجي وتنشئته الاجتماعية ، يحدث لها تصريف اجتماعي وفق اندفاعات غرائزية بحيث تبحث عن حماية مشرعة داخل ثقافة المجتمع وداخل قوة جماعية من نفس التطرف أو الشذوذ الفكري والسلوكي تبعا لمناحي الضعف الذي تستبطنه في منطقة اللاوعي لكل فرد من أفرادها – أي الجماعة – وذاك ما يفسر براءة الإسلام من الإجرام ، بل إنه يضمن للحياة البشرية حقها في الوجود العادل والمساواة على أساس شرعي ، لكن الإشكال المطروح هو أن العلاقة بين فلسفة التعايش مع الحداثة والدين هي جوهر أزمة العقل العربي لغياب المقومات الكفيلة بضمان أوسع لتقنيات الديمقراطية داخل التنظيمات السياسية ..
– الفقر يهين كرامة الإنسان –

نشر من قبل: منصف بنعيسي

منصف بنعيسي ويبماستر موقع زاكورة نيوز.

ربما أعجبك أيضا

فيديو: بشرى لساكنة هذه المناطق.. تزويد عدد من الجماعات بين أكذر وزاكورة بمياه سد أكذز

في هذا الفيديو، نقدم لكم خبرًا سارًا لسكان المناطق بين أكذر وزاكورة، حيث تم الإعلان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *