محماد اولحسن مستشار في التوجيه التربوي
في سياق النقاش المواكب لمقتضيات القانون الإطار 51-17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، وبخصوص الباب المتعلق بتمويل منطومة التربية والتكوين والبحث العلمي، يلاحظ أن هذا القانون يراهن بشكل كبير على الجماعات الترابية في تنويع مصادر تمويل المنظومة. وفي بحث أجريناه حول دور الجماعات الترابية في دعم قطاع التربية والتكوين، نموذج الشراكة التربوية مع الجماعات الترابية بإقليم زاكورة توصلنا الى الخلاصات التالية:
في مجال الشراكة التربوية:
– ان المدرسة أصبحت شأنا يهم الجميع، وبالتالي فإن تنويع موارد تمويل منظومة التربية والتكوين، بشكل يضمن إسهام مختلف الفاعلين والشركاء في دعم القطاع، أصبح أمرا ضروريا؛
– الشراكة التربوية أضحت خيارا استراتيجيا لقطاع التربية الوطنية لضمان إشراك كافة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين و جميع المتدخلين في المجال( دولة وجماعات محلية وقطاع خاص وجمعيات المجتمع المدني) في كل جهود الإصلاح؛
– تعقد المساطر والإجراءات الإدارية الخاصة بالشراكة في المجال التربوي، وارتباط تفعيلها بالقرار الممركز جهويا أو وطنيا؛
– نجاح الشراكة التربوية وتعبئة الشركاء حول المدرسة رهين بتعزيز القدرات التدبيرية للأطر والبنيات الادارية والتربوية المشرفة على الشراكة التربوية، إقليميا وجهويا؛
في مجال انخراط الجماعات الترابية في دعم التمدرس:
– المشرع المغربي، سواء على المستوى القانوني والتربوي، منح الجماعات الترابية إختصاصات كبيرة وعزز أدوارها من أجل المساهمة في المجهود المالي إلى جانب الدولة لربح رهان تعميم التمدرس؛
– الانخراط الملموس للمجالس المنتخبة في دعم قطاع التربية والتكوين سواء في إطار ميزانياتها الخاصة واختصاصاتها الذاتية، أو في إطار مشاريع شراكة مع العديد من المتدخلين، من خلال استغلال الفرص التي يتيحها المحيط، رغم أن المجهودات لازالت دون المستوى المطلوب؛
– ضعف ومحدودية الموارد المالية للجماعات الترابية، يجعلها توجه معظم مداخيلها لخدمة مصاريف التسيير، وتأدية اقساط قروض صندوق التجهيز الجماعي التي توجه لمشاريع لا تأخذ بعين الاعتبار أولوية التعليم؛
– عدم وضوح وتدقيق اختصاصات الجماعات الترابية في مجال دعم التمدرس في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية يساهم بشكل كبير في الحد من تدخلات الجماعات الترابية في قطاع التربية والتكوين؛
– ضعف واحيانا غياب الوعي بأهمية وحتمية التعليم والتمدرس في تحسين مؤشرات التنمية المحلية بالجماعة الترابية لا يجعل من قطاع التربية والتكوين أولوية في برامج عمل الجماعات الترابية، وبالتالي أعتباره مجالا غير منتج ومجال لصرف الاعتمادات بالنيابة عن القطاع الوزاري المسؤول؛
– ضعف التخطيط الاستراتيجي في مجال دعم التمدرس على مستوى برامج عمل الجماعات، ينتج عنه تدخلات عشوائية ومشاريع ” ترقيعية” تحت الطلب أو لخدمة أغراض ذاتية للمنتخبين؛
– ضعف قدرات المنتخبين والموارد البشرية العاملة بالجماعات الترابية، في مجالات التواصل وبناء المشاريع وتعبئة الشراكات والمرافعة والتعبئة؛
– ضعف إلمام المنتخبين بآليات الديمقراطية التشاركية، وبالتالي عدم تفعيلها رغم أهميتها في إشراك المواطنين والمواطنات في القرار التنموي للجماعة الترابية لاسيما في مجال التربية والتكوين ؛
– ضعف آليات التنسيق والتواصل بين القطاع الوزاري المسؤول والجماعات الترابية محليا واقليميا وجهويا؛
– غياب الإعتماد على المؤشرات الخاصة بالتمدرس، وبالتالي الإعتماد في مشاريع دعم التمدرس على الضغوط السياسية والاجتماعية وتوجهات سلطات الوصاية الادارية أحيانا؛
– الاقتصار على دور الوسيط في تدبير قطاع النقل المدرسي وتوريط أحيانا الجمعيات المشرفة على خدمة النقل المدرسي في مشاكل التسيير في غياب حلول مستدامة لهذه الخدمة الاجتماعية؛
– ضعف الوعاء العقاري لدى الجماعات الترابية، بسب غياب تصور استراتيجي لتنمية المجال، مما يعيق ويؤثر أحيانا على العديد من مشاريع دعم التمدرس ( مؤسسات منعزلة فوق أراضي مهددة او متنازع حولها، مشكل الأمن المدرسي، الهدر المدرسي…)
– غياب الإنسجام والمواءمة والالتقائية في تدخلات الجماعات الترابية وباقي البرامج القطاعية الحكومية بما فيها قطاع التربية والتكوين؛
– ضعف الحكامة الجيدة في تدبير الشأن المحلي وغياب إشراك كافة الفاعلين يجعل القرار التنموي المحلي غير فعال وبعيد عن أولويات الساكنة التي يشكل التعليم أهمها؛
– مركزية القرار التربوي جهويا ووطنيا يحد من آفاق الجماعات الترابية في مجال التخطيط والتنفيذ في تنمية قطاع التربية والتكوين؛
– هاجس المساهمة في التمويل المالي لمنظومة التربية والتكوين هو الذي يحكم علاقة الجماعات الترابية بالمنظومة، الشيء الذي يفسره غياب أي دور للجماعات الترابية في المجالات التي تخص المناهج والتوجيه التربوي والمهني والمساهم في رسم السياسة العمومية في مجال التربية والتكوين بصفة عامة.
اقتراحات وتوصيات:
لتجاوز العديد من الإكراهات التي تم رصدها سابقا في مجال التنزيل الفعلي لمقتضيات الشراكة التربوية والرقي بأدوار الجماعات الترابية في مجال النهوض بمنظمة التربية والتكوين نقترح هنا عدة توصيات كما يلي:
– ضرورة وضع إطار مركزي للشراكة بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ومديرية الجماعات الترابية بوزارة الداخلية وصندوق التجهيز الجماعي واللجنة الاستراتيجية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛
– وضع دفتر تحملات واضح يبين دور الجماعات الترابية والقطاعات المتدخلة في مجالي التربية والتكوين وفق مقتضيات الميثاق والرؤية الاستراتيجية والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية؛
– وضع الوزارة المعنية بقطاع التربية والتكوين لاستراتيجية واضحة المعالم في مجال الشراكة التربوية، تكون مرجعا لكل المبادرات التي تقدم عليها مختلف المديريات الإقليمية والاكاديميات الجهوية، لتجاوز الإكراهات التي تعترض إصلاح النظام التربوي وربح رهاناته.
– إعداد دليل يوضح وينظم مجالات وإختصاصات الجماعات الترابية في القوانين التنظيمية في مجالات دعم التمدرس؛
– خلق مراصد جهوية لتقييم السياسات العمومية المحلية والجهوية في مجال التربية والتكوين وجعلها قوة اقتراحية إلى جانب المجالس المنتخبة للنهوض بالقطاع؛
– تعزيز الاختصاصات التنظيمية والتقريرية في المجال التربوي والتكويني لفائدة المديريات الإقليمية والاكاديميات الجهوية خاصة في مجال الشراكة التربوية؛
– إعطاء الأولوية لقطاع التربية والتكوين المهني، في برامج التنمية للوكالات الجهوية لتنفيذ المشاريع باعتبارها مؤسسات مساعدة لمجالس الجهة في الجوانب القانونية والمالية والتقنية أو في إعداد مشاريع وبرامج التنمية الخاصة بالجهة؛
– ضرورة إنخراط الجماعات الترابية في توفير شروط الإستقرار المستدام في المهام لمختلف أطر التربية والتكوين من أجل تجاوز إشكاليات الخصاص البنيوي الناتج عن الانتقالات، عبر خلق آليات تحفيزية مشجعة؛
– إيلاء الأهمية للشراكة التربوية من أجل النهوض بمنظومة التربية والتكوين، في تدخلات صندوق التضامن الجهوي وصندوق التضامن بين الجهات وفق مقتضيات الجهوية المتقدمة؛
– إعداد رؤية استراتيجية جهوية تراعي الخصوصيات الجهوية والمحلية في مجال دعم التمدرس والنهوض بقطاع التكوين المهني وفق مقتضيات الرؤية الاستراتيجية2015-2030؛
– تعزيز الأدوار التقريرية والتنفيذية للمنتخبين في المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وعلى مستوى مجالس تدبير المؤسسات التعليمية؛
– ترسيخ مبدأ المسؤولية الاجتماعية للمقاولة والقطاع الخاص على المستوى المحلي والجهوي للمساهمة في المجهود العمومي لتطوير قطاع التربية والتكوين؛
– دعم وتقوية الإعلام التربوي المحلي والجهوي للمساهمة في إعداد وتتبع وتقييم السياسات التربوية محليا وجهويا؛
– دعم وتعزيز القدرات المؤسساتية لجمعيات المجتمع المدني المتدخلة في مجال دعم التمدرس خاصة بالمجال القروي.