الثلاثاء , أكتوبر 22 2024

الكواسر والخواسر

يوسف عاصم

الفرق بين السلسلة التاريخية السورية  “الكواسر” و السلسلة الهزلية المغربية “الخواسر” التي كانت تبثها القناة  المغربية الثانية في رمضان السابق،  كالفرق بين فراشة ربيعية مزركشة وجميلة تنتقل  من زهرة إلى أخرى، و ذبابة صيفية قبيحة وبغيضة تقتات على الأوساخ والأزبال.

أوحت السلسلة التلفزية السورية ” الكواسر” في مضامينها أنه لن تقوم للعرب قائمة إذا لم يتجاوزوا إختلافاتهم و يتوحدوا حول قلب رجل واحد و قبلة واحدة في مواجهة المتربصينن بخيراتهم و مقدراتهم  و دينهم و لغتهم. لكنهم   لم يفهموا و لن يفهموا، فقد حوربت القومية العربية  و حوصر و أغتيل قاداتهات و فشلت الوحدة العربية ، و برهن الحكام العرب أنهم وكلاء و عمال للإستعمار الغربي. 
 “الخواسر”  هو العنوان الكبير و العريض الذي يجسد للمرحلة الراهنة في العالم العربي. خسر العرب، في الحقيقة، كل شيء حتى حياءهم وإنكشفوا وإنفضحوا أمام شعوبهم والعالم بأسره بأنهم أعداء أواطنهم وأمتهم. سرقوا مواطنيهم وإفترسوهم بكل مخالبهم وأنيابهم، وجوعوهم و حرموهم من خبزهم اليومي، وغرسوا في قلوبهم وعقولهم الرذيلة بكل أنواعها وأشكالها، ولأجل ذلك كثفوا من برامجهم وأفلامهم ومسلسلاتهم التافهة. وإستعملوا سياسييهم ومثقفيهم وفنانينهم لمحاربة اللغة العربية الفصيحة والتضييق عليها، وبذلك إنغمسوا في لهجاتهم العوجاء والعرجاء والمتمايلة مع مستعمريهم وأسيادهم، فتشدقوا وتبجحوا بها، وأصبحت لكناثهم ممسوخة وفارغة من أية قيمة فكرية أصيلة.

وتواطؤَ العرب وتآمروا وراهنوا وخسروا. خانوا العراق ودمروه بعد أن باعوا فلسطين، وطبعوا وتطبعوا وتضبعوا، وفقدوا العقل وتبولوا على النقل، وبددوا كل ثرواتهم على الفسق والبغاء، وضاجعوا الغرباء وأنجبوا منهم مخلوقات عجيبة وغريبة تسمى داعش وفاحش وداحش، وهي أكلة للبشر. بل أصبحت الداعشية والفاحشية والداحشية معتقدات العرب وأصنامهم الجديدة بعد اللات والعزى ومنات الثالثة وبعد أن حاربوا الإسلام وهدموا أركانه وشوهوه وألصقوا به التهم. وهكذا، سرقوا أحلام الشعوب وامالهم وأجهضوا ثوراتهم وحرفوا إتجاهاتها وصبغوها بالدم. وتاجروا في سوريا وشعبها وقتلوه ودمروا تاريخه وحضارته، وضربوه في عروبته وشهامته. وتوحدوا،لأول مرة في تاريخهم، و قصفوا اليمن بطائراتهم وصواريخهم، وبذلك قتلوا أطفاله ونسائه لالشيء سوى لأن اليمن يصرخ بسبب الجوع والعطش والعرب وأولادهم ينفقون الأموال على الشقروات في الملاهي والكباريهات.  لقد تفرق العرب و تشتتوا و إتهموا بعضهم البعض و عملوا على تطبيق الإملاءات الخارجية  بكل حذافيرها و بكل خنوع و خضوع حتى أصبحوا ممسوخين و ممقوتين من طرف شعوبهم، بل أكثر من ذلك لقد أصبحوا موضع سخرية من طرف أسيادهم الغربيين الذين ما فتئوا أن إستعملوهم كوسائل لهدم  الأمة العربية من الداخل و تمزيقها. و في المجمل، لم يهتم الحكام العرب بهموم الفقراء و معاناتهم من شعوبهم الذين ضاقت بهم الأوطان العربية فقذفوا بأنفسهم في البحار والمحيطات. لكن إهتم  هؤلاءالحكام العرب بعروشهم و كراسيهم فقط التي جلسوا عليها و لم يبرحوا منها قيد أنملة و كأنهم يعانون  من مرض البروستا تا أو البواسير. لقد عجزوا  على إفشاء السلام فيما بينهم، و عجزوا حتى على قول “لا” لأمريكا  التى أقنعتم بانها تحميهم من شعوبهم المقهورة  و التي لا تتطلع إلى شيء سوى الى الإلتفاف حول قيادات عربية  وطنية وحرة تعطي أكثر مما تأخذ. 
إنه الخسران المبين الذي أصاب هذه الأمة في كل شيء حتى ضيعت دينها وعقلها، و أصبحت  تعاني العجز وعدم القدرة في رسم الأهداف الكبرى من أجل الإستنهاض والبناء. عبر التاريخ الإنساني، كل الشعوب التي تطورت وإزدهرت رسمت لنفسها أهدافا كبرى و حاولت أن تحققها وذلك بالعودة إلى ذاتها وبتطوير لغتها وثراتها لأنهما الأساس لكل حداثة وتقدم. و كم كانت هناك شعوب ضعيفة و مغلوبة ، لكن بفضل الإرادة السياسية لقادتها تطورت وقامت وصارت قوية وكاسرة ويحسب لها ألف حساب. ومنذ آمد بعيد، وبسبب الخيانة و الوهن والتخاذل والتٱمر وإشعال الفتن وتأجيجها، فقدت الأمة العربية عوامل وحدتها وقوتها وبدأت تتخبط في العشوائية وتقتتل فيما بينها وبذلك أصبحت جد ضعيفة وخاسرة في كل شيء.

نشر من قبل: منصف بنعيسي

منصف بنعيسي ويبماستر موقع زاكورة نيوز.

ربما أعجبك أيضا

فيديو: بشرى لساكنة هذه المناطق.. تزويد عدد من الجماعات بين أكذر وزاكورة بمياه سد أكذز

في هذا الفيديو، نقدم لكم خبرًا سارًا لسكان المناطق بين أكذر وزاكورة، حيث تم الإعلان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *