حكيم بالمداحي – صحافي و مدير تحرير جريدة الأحداث المغربية
الإجراءات التي تم اتخاذها، اعتمادا على تقرير المجلس الأعلى للحسابات، ليس بالمطلق هو ما أطلق عليه الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان «إحداث زلزال سياسي».
الإجراءات في حق مسؤولين أشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى عدم قيامهم بمهامهم بالشكل المطلوب، هي إجراءات عادية تنسجم مع الدستور المغربي في ربط المسؤولية بالمحاسبة، و هي قاعدة تشكل أحد أركان الحكامة الجيدة.
ما جرى هو أمر عادي جدا لولا أن تطبيق هذه المادة من الدستور تطلبت تدخلا من أعلى مستوى في الدولة، وفي الأمر إشارة سياسية إلى ضرورة تفعيل آليات المحاسبة بالصرامة المطلوبة.
غير أن الزلزال السياسي الذي أشار إليه الخطاب الملكي هو من نوع آخر. إنه مرتبط بضرورة تحمل المجتمع ومؤسساته لمسؤوليته التاريخية في بلورة نموذج تنموي فعال يستفيذ منه كل المواطنين.
الخطاب الملكي قال بالحرف «كما ندعو للتحلي بالموضوعية، وتسمية الأموربمسمياتها، دون مجاملة أو تنميق، واعتماد حلول مبتكرة وشجاعة ، حتى وإن اقتضى الأمر الخروج عن الطرق المعتادة أو إحداث زلزال سياسيى».
المثن واضح ولا غبار عليه فهو يدعو إلى «اعتماد حلول مبتكرة وشجاعة»، وفيه أيضا دعوة إلى حوار وطني تتحمل فيه كل الأطراف مسؤوليتها بهدف بلورة نموذج تنموي يخرج المغرب من أزماته ويضمن للمواطنين الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
الدعوة إذن واضحة، وهي تشبه إلى حد كبير ما دعا إليه خطاب 9 مارس 2011 من اجتهاد قصد ابتكار وثيقة دستورية لم يحدد لها سقفا في الاجتهاد…
اختزال الزلزال السياسي ،الذي يقصده الخطاب الملكي، في إجراءات كالتي تم اتخاذها في حق وزراء وأطر إدارية، هو دليل على عدم فهم المرحلة.
المغرب والمغاربة اليوم مطالبون بإحداث ثورة حقيقية على مستوى طريقة التعامل مع المشاكل، ومنهجية تدبير هذه المشاكل. هناك حاجة إلى تغيير العقليات وهذا الأمر يتطلب إجراءت صارمة وحاسمة بمنهجية تشاركية، تقوم أساسا على تغيير مجموعة من أنماط التفكير والسلوك والعمل السائدة.
المغرب في حاجة إلى بناء العقول، وهذا منوط بنوعية التعليم الواجب اتباعها.
المغرب في حاجة إلى العدالة الاجتماعية والمجالية، وهذا منوط بتغيير أشكال اقتصادية متبعة لا تخدم مصالح أغلب المواطنين…
الزلزال الذي يقصده الخطاب الملكي هو زلزال على مستوى النظام العام في الإدارة وفي طرق تدبير الشأن العام في المغرب…