خديجة الشافي ، صحافية من زاكورة ، طالبة بماستر العلوم السياسية – الجامعة الدولية بالدار البيضاء.
أصبح الاحتفال بالثامن من مارس تقليدا سنويا مفرغا من أي محتوى، و موضة إعلامية تحشد لها جيوش من الإعلامين ، ويكثر فيها اللغط ، والقيل والقال حول حقوق المرأة ،فيه تطل علينا كل سنة نساء مثقفات، متعلمات (هكذا يبدو على الأقل ) في التلفزيون و الاذاعات ومختلف وسائل التواصل يتحدثن عن دور المرأة الكبير في المجتمع ويطالبن بالنهوض بأوضاعها.
في حين ،أن النساء المهمشات لا يعلمن وجودا لهذا اليوم، ففي القرى النائية والأحياء الهامشية هو يوم كسائر الايام، يوم للنضال من أجل لقمة العيش و صون الكرامة ، يوم لمواجهة العنف والسلطوية الذكورية والثقافة الجاهلية ، إن هذه المعتقدات الخاطئة التي ترسبت للأسف في نفوس جيل بكامله ، لن يمحوها يوم ولا حتى سنة بل تحتاج الى أوراش ومشاريع حقيقية على أرض الواقع بعيدا عن التزاحم والثرثرة أمام وسائل الإعلام، التي اضحى بعضها ينفر من الكفاح في سبيل الحصول على الحقوق الكاملة للمرأة وتسفه النضال في هذا المجال.
إن الاحتفال بالمرأة ليس شعارات فضفاضة، ولا مداخلات أمام الكاميرات، بل هي سياسة، وقبلها إرادة حقيقية للنهوض بوضعية المرأة والإيمان القوي بأن تطور المجتمع لن يتسنى إلا بمشاركة نصفه الثاني.
وبعيدا عن هذا وذاك ابحثوا عمن يحتفي بالمرأة على طول العام، عمن يساهم في منحها الثقة لتطوير ذاتها وتحسين وضعيتها واثبات كينونتها، عمن يرافقها في مسارها الطويل والشاق جدا في مجتمع لا زالت فيه ثقافة التميز على أساس الجنس حاضرة بقوة. ابحثوا عنه لنحتفي به، لنرفع له القبعة اعترافا بمجهوده وكفاحه.
في الثامن من مارس ،الأجدى أن يكون الاحتفاء بالأشخاص والمؤسسات التي تخدم قضية المرأة في العمق، والتي تبني استراتيجياتها وعملها قصد المساهمة في التحسين الفعلي لوضعية المرأة المهمشة في الأوساط الفقيرة التي لازالت تعيش فيها المرأة محرومة من أبسط حقوقها.
وبما أن الفكر و العلم والثقافة – في نظري- هو السبيل الأمثل لخلق جيل سليم يؤمن بقيم المساواة بين الجنسين في الحقوق و الواجبات، فعلى مؤسسات الدولة ان تحرص على سن استراتيجيات بعيدة الأمد لتمكين الفتيات من ولوج المدارس وتذييل الصعوبات أمامهن خاصة بالمجال القروي لاستكمال تكوينهن العالي في احسن الظروف، وهو رهان ان كسبناه استطعنا قطع شوط كبير في سبيل تمكين المرأة من حقوقها كاملة.
الاحتفاء بالمرأة يكون يا سادة، بمشاريع حقيقية نتائجها ملموسة على أرض الواقع بعيدا عن المزايدات الهامشية والجدال العقيم الذي يخلقه البعض لحاجة في نفس يعقوب.
في الثامن من مارس جرت العادة على ان تقدم الورود للمرأة وانا هنا اكسر هذه القاعدة لأقدم باقة وردة عربون تقدير واحترام ومحبة خالصة لكل الذين زرعوا في حب العلم والكفاح من اجل نيل الحقوق.