السبت , يوليو 27 2024

دار الأمومة بسكورة : مؤسسة اجتماعية في طي النسيان ؟؟

رغبة من الدولة في النهوض بالصحة الإنجابية للنساء قبل و بعد الولادة و مساهمة في تيسير ولوج الحوامل بمختلف الدواوير المحادية لمحور سكورة – امغران للخدمات و العلاجات الصحية الأساسية ، تبنت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بورزازات مطلع سنة 2009 مشروعا لإحداث دار للأمومة بمركز سكورة ’ و هو المشروع الذي أتى استجابة لحاجات ملحة في المجال الاستشفائي و الاجتماعي ’و قد بني على أسس و معطيات غاية في الدقة ’إذ بالرغم من التقدم الحاصل في بعض مؤشرات التنمية البشرية في المغرب، ورغم اعتماد وزارة الصحة لاستراتيجيات وطنية عميقة في هذا المجال ، إلا أن واقع الحال لازال مخيبا للآمال ’و هو الشيء الذي تؤكده العديد من الدراسات التي أنجزت حول صحة الأم والطفل بالإقليم عموما و المناطق القروية على الخصوص .

المشروع رأى النور بذات السنة في إطار شراكة متعددة الأطراف بين المبادرة الوطنية و وزارة الصحة و الجماعات الترابية و بعض الفعاليات الجمعوية بالمنطقة ’ بتكلفة بلغت 391130.00 درهم للبناء و 85000.00 درهم للتجهيز ’ بعد ذلك بادر المجلس الإقليمي لورزازات بتخصيص مبلغ 44000.00 درهم لاستكمال التجهيز بمختلف اللوازم الضرورية لإعداد التغذية لنزيلات المؤسسة’ كما ساهم عدد من الشركاء الآخرين بمبلغ 22000.00 درهم لإحداث و تجهيز قاعة للتوعية و التحسيس و مبلغ 28560.00 لتبليط مدخلها الرئيسي ’ و كانت النتيجة أن توفرت للمشروع بناية متوفرة على مرافق للإيواء و الاستقبال المؤقت و صالون لاستقبال مرافقي المستفيدات و ثلاث غرف نوم بسريرين، كما توفرت لها الولوجيات الخاصة بذويي الاحتياجات الخاصة’و هذه البناية على العموم موصولة بشبكة الماء الشروب و الكهرباء ’كما تتوفر على مطبخ و حمام ومراحيض ملائمة.

موازاة مع ذلك تأسست جمعية ” دار الأمومة- سكورة” لتسيير هاته المؤسسة ذات الطبيعة الاجتماعية و الصحية ’و انطلاقا من 22/03/2010 فتحت أبوابها في وجه النساء الحوامل المنتمين لأربع جماعات قروية هي امي نولاون و تندوت و ادلسان بالإضافة لسكورة ’كما انطلق فريق جمعية دار الأمومة النسوي المتطوع و كله أمل في تحقيق الأهداف المرجوة و المتمثلة في تقليص نسب وفيات الأمهات أثناء وبعد الوضع عبر استقبال الحوامل و تيسير استفادتهن من جميع الخدمات ’بما في ذلك الإيواء والأكل والشرب وحصص التوعية الصحية وتنظيم الأسرة’و دعم الحوامل المعوزات بالأدوية والعلاجات الأساسية ’من أجل المساهمة في رد الاعتبار للأم ورفع معنوياتها وتحسيسها بكرامتها’و نشر ثقافة التضامن الاجتماعي بين الناس.

وكان أن نصت الاتفاقية الإطار الخاصة بالمشروع على أن تخصص الجماعات الترابية الأربع منحا دائمة تخصص للتسيير ’كان المفروض أن تتراوح بين 30.000 درهم و 40.000 درهم لكل واحدة منهم ’ لكن جرت الرياح بما لاتشتهيه الأهداف النبيلة التي جاء من أجلها المشروع ’ بحيث لم يلتزم مجلسا كل من تندوت و امي نولاون بدفع و لو فرنك واحد لفائدة المشروع رغم استفادة المنتميات لجماعتيهما من خدمات المؤسسة طيلة السنوات الخمس الأولى.

في حين ساهمت جماعة ادلسان بمبلغ زهيد لم يتجاوز 13.000 درهم على ثلاث أشطر قبل أن تقرر من جديد قطع مساهمتها و الاكتفاء بالاستفادة دون تحملات مالية ’ وحده المجلس الجماعي لسكورة خصص منحة دائمة قدرها 40000.00 درهم و التزم بها منذ التأسيس إلى الآن ’ وهي – رغم عدم كفايتها – الأمل الوحيد لاستمرار المؤسسة حتى اللحظة ’ نتيجة لذلك تعاني المؤسسة من ضغط العمل و قلة الموارد البشرية التي لا تتجاوز منشطتين و حارس ليلي ’ و هو طاقم صغير جدا بالمقارنة مع حجم العمل الهام الذي تقوم به هذه المؤسسة لفائدة النهوض بالصحة الإنجابية للنساء و تحسين شروط الوضع لديهن’ .

و تأمل الجمعية المسيرة للمؤسسة في زيادة أعوان الخدمة (منشطة ’منظفة،حارس نهاري )’خصوصا وأنها تعمل بصفة دائمة ليلا و نهارا ’كما تأمل في التسوية المالية لوضعية العاملين بها ’بالنظر لاستمرار تقاضيهم أجرة تقل عن 1300 درهم شهريا ’ و كما تعاني من مشكل التمويل نتيجة عدم وفاء الشركاء بالتزاماتهم المالية تعاني أيضا من تملص الشركاء الآخرين المكلفين بالتأطير و التتبع من تنفيذ التزاماتهم المتعلقة بالتكوين المستمر للمنشطات الاجتماعيات بها ’ و تأمل في إيجاد إطار قانوني واضح في التعامل و التنسيق مع المركز الصحي و أقسام الولادة بالمستشفى الإقليمي و توفير سيارة إسعاف خاصة بها ’ من أجل ضمان استمراريتها و لو في حدها الأدنى .

يبدو جليا إذن ما لمشاريع اجتماعية “كدار الأمومة ” من اثر بالغ على مستوى النهوض بالخدمات الصحية الموجهة للام و الطفل و هما الفئتان الأكثر طلبا للعلاج و الوقاية الصحية على السواء’و اللتان تكلفان 70 بالمائة من ميزانية العلاج بالمستشفيات ’لكن من غير المفهوم أبدا كيف تقبل الدولة بأن تترك مشاريع مهمة كدور الأمومة لحالها بدون تمويل و لا تكوين و لا حتى إطار قانوني لتنظيم عملها .

و كيف تسمح وزارة الصحة لنفسها بصرف ملايير على برامج إعلانية فاشلة عديدة ’في الوقت الذي لا تلتفت فيه أبدا صوب مؤسسات قرب اجتماعية و استشفائية فعالة كدار الأمومة ’و الدليل أن دار الأمومة سكورة -مثلا – المتحدث عنها حققت نسبة استقبال بلغت مائة بالمائة من الحوامل لسنة 2015 ’فماذا كان سيكون الحال لو توفرت لها الإمكانات المالية و البشرية و التكوينية ؟

بقلم : سليمان رشيد – ورزازات

نشر من قبل: منصف بنعيسي

منصف بنعيسي ويبماستر موقع زاكورة نيوز.

ربما أعجبك أيضا

فيديو: بشرى لساكنة هذه المناطق.. تزويد عدد من الجماعات بين أكذر وزاكورة بمياه سد أكذز

في هذا الفيديو، نقدم لكم خبرًا سارًا لسكان المناطق بين أكذر وزاكورة، حيث تم الإعلان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *