لاشك أن العودة المظفرة للمغرب للاتحاد الإفريقي بمناسبة القمة الثامنة و العشرين لهاته المنظمة المنعقدة في شهر يناير 2017 ستبقى من أبرز الأحدات التي شهدتها هاته المنظمة الإقليمية منذ تأسيسها سنة 2002 على أنقاض منظمة الوحدة الإفريقية التي كان المغفور له محمد الخامس من طليعة الزعماء الأفارقة الذين ساهموا في إرساءها، و كلهم أمل في أن تشكل قاطرة لتوحيد دول القارة الخارجة لتوها من رقبة الاستعمار نحو التقدم و النمو و الرخاء.
فبقدر ما شكلت هاته العودة صدمة و صفعة لا تنسى لأعداء الوحدة الترابية للمغرب تحت زعامة الجارة الجزائر، جنوب افريقيا و زيمبابوي و غيرها من الدول التي طالما حاولت بجهد إخراج هاته المنظمة من موقفها الحيادي تجاه قضية الصحراء نحو تبني أطروحة الانفصال التي تضرب في الصميم فلسفة تشكيل هاته المنظمة و الأهداف المنصوص عليها في قانونها الأساسي، بقدر ما لاقت هاته العودة ترحيبا كبيرا من الأغلبية الساحقة من الدول الافريقية التي أحبطت كل المناورات القدرة التي تفنن فيها اعداء المغرب من أجل عرقلة عودته الى هذا الإطار المؤسساتي الإقليمي, تقديرا منها للدور الإيجابي الذي يلعبه بلدنا تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس في تدعيم الاستقرار و تحفيز النمو في مختلف دول القارة.
لاشك من أنه سيكون لهاته العودة الكثير من التداعيات الإستراتيجية و الجيوسياسية داخل القارة السمراء باعتبار أن المغرب يمتلك الآن من المؤهلات الاقتصادية ما يمكنه من لعب دور رئيس في جهود تنمية افريقيا بفضل الاستثمارات المغربية المهمة في مختلف دول القارة وخاصة في قطاعات الزراعة, الاتصالات, الأبناك, التأمينات و الخدمات ، دون أن ننسى المشروع الضخم لربط أوروبا بالغاز انطلاقا من نيجيريا مرورا بالعديد من الدول الأفريقية و الذي سيشكل دعامة أساسية للنمو و الاستقرار بالمنطقة.
و في النهاية لا يسعنا الا مباركة الخطوات الجبارة التي مافتئ يقوم بها جلالة محمد السادس الذي يرجع له الفضل الأول في هذا الانجاز التاريخي بفضل الزيارات الماراطونية التي قام بها لأزيد من عشرين دولة افريقية تجسيدا لنظرته الاستشرافية لمستقبل البلاد و الذي لا يتصوره إلا داخل افريقيا ، و خير دليل على ذلك هو العدد المهم من اتفاقيات التعاون التي أبرمها المغرب مع الدول الإفريقية في مختلف المجالات السياسية الاقتصادية , الثقافية , الأمنية و كذا التأطير الديني.