بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الذي يُصادف كل سنة الـ 8 من شهر مارس، أعدت صحيفة “آخر ساعة” جرداً بأسماء أهم النساء المغربيات الرائدات اللواتي كان لهن بالغ التأثير في مختلف القطاعات والميادين التنموية بالمغرب.في هذا الملف، تبرز أسماء نساء سيدات “المال والأعمال” وأخريات اقتحمن مجالات السلطة والسياسة ومهنا ظلت حكرا على الرجال.. ميزتهن أنهن يشتغلن في صمت، بعيدا عن الأضواء أو التلميع الإعلامي، غير أن قاسمهن المشترك، هو رفعهن تحديا يقول بتفوق المرأة في عالم “ذكوري محض”، فكن سيداته ونجماته بدون منازع..
الأميرة للا سلمى: الدينامو الذي تدور حوله الأعمال الاجتماعية في المغرب
عندما تتحرك الأميرة للا سلمى خارج أسوار القصر، إلى جانب زوجها الملك، ونجليها الأميرين الصغيرين، ترتسم صورة سيدة مغربية أصيلة، تتحرك في الأدنى من الرسميات، وفي الأقصى من التلقائية والعفوية، بعيدا عن أي تكلف في سلوكها أو مشيتها.. هذه العفوية التي تتغنى بها كبريات الصحف الدولية، كميزة تلازم سلوك الأميرة، هي واحدة من المفاتيح الكثيرة التي جعلت للا سلمى تنفذ إلى قلوب المغاربة، بسلاسة، دون استئذان، منذ قدّمها الشعب إلى الملك محمد السادس، سنة 2002، كسفيرة له لـ”دار المخزن” وأيضا كزوجة للجالس على العرش.
هي الآن سيدة المغرب الأولى، والمالكة الحصرية لقلب الملك، والدينامو الذي تدور حوله الأعمال الاجتماعية في مملكة زوجها محمد السادس، فضلا عن كونها والدة ولي العهد الأمير مولاي الحسن، الذي يضمن استمرارية السلالة العلوية في حكم المغرب. وعلى الرغم من مكانتها البارزة في القصر، تصر الأميرة للا سلمى على التشبث بالتواضع، كقيمة إنسانية، في تعاملها مع العامة.
ليلى مامو: رائدة الإدارة التي جعلت من التدبير الصارم منطلقا للتألق
“المرأة الراغبة في الريادة، مطالبة بعدم طرح الكثير من الأسئلة الميتافيزيقية والوجودية، بل يكفي تحرير الطموح، والتركيز على الاعتناء بنقط القوة وليس التفرغ لإصلاح نقط الضعف”.. هكذا كان جواب ليلى مامو، الرئيسة التنفيذية لـ”وفا سلف”، حين سُئلت ذات مرة عن سر ريادتها في مجالها. غير أنها عادت لمزيد من التفصيل، في محاولة للوقوف عند الخط الفاصل بين النجاح والفشل، لتقول إن “النجاح في الحياة المهنية والنجاح في الحياة الشخصية، لا يستقيم الربط بينهما ولا يحدد واحد منهما الآخر، بقدر ما يغذيان بعضهما البعض”.
رسمت مامو لنفسها مسارا متألقا، كانت انطلاقته منذ عودتها من فرنسا سنة 1989 وفي حوزتها دبلوم الدراسات العليا في إدارة الأعمال والتمويل من جامعة كاين بمرسيليا، لتشتغل في مكتب دراسات مفتحصة، قبل أن تلتحق بمؤسسة “وفا سلف” كموظفة في التدبير، ثم بعدها مسؤولة عن خلية التدبير والمراقبة. غير أن تعيينها مديرة للمخاطر في نفس المؤسسة سنة 1995 كان بداية لسطوع نجمها، إذ مكنتها حنكتها التسييرية من ترأس الإدارة الجماعية لـ”وفا سلف” سنة 2004. وقد انتخبت ليلى مامو رئيسة ومديرة عامة للمجلس الإداري لجمعية “إنجاز”، المختصة في تكوين وتشجيع الشباب على إنشاء مقاولاتهم.
سعيدة كريم العمراني: المرأة التي تسير “امبراطورية” اقتصادية بقبضة من حديد
المؤشر الواضح على المكانة المرموقة التي تحظى بها سعيدة كريم العمراني، نائبة رئيس هولدينغ “سفاري- سوفيبار- كوفيمار” في مجال المال والأعمال، هو تصنيف مجلة “فوربس” لأقوى السيدات العربيات لسنة 2016. فبعدما جاءت في المرتبة 89 ضمن أقوى سيدات العربيات لسنة 2015، ها هي سعيدة كريم العمراني تحتل المركز السادس والثلاثين عربيا في القائمة الجديدة لهذه السنة، من بين 50 امرأة الأكثر تأثيرا في العالم العربي.
هذه المرأة القوية، التي رأت النور سنة 1946 بفاس، أسست مجدها من إمبراطورية والدها كريم العمراني، الوزير الأول السابق الذي كان وراء تأسيس المجموعة الاقتصادية “سفاري”، التي تشتغل في مجالات وقطاعات مختلفة، قبل أن توسع نجلته سعيدة أنشطتها بفضل حنكتها ومهاراتها العالية، وتكاد تديرها جميعها بقبضة من حديد. فلها حصة كبيرة في العديد من الشركات المغربية الكبرى، نذكر منها “مصرف المغرب”، الذي تشغل فيه منصب رئيس مجلس الرقابة، بالإضافة إلى شركة “مافاكو” لصناعة الغزل والنسيج، والتي وقعت اتفاقا مع شركة فرنسية لإنتاج أنسجة نصف مصنعة خاصة بالسيارات. فضلا عن “كوميكوم” المتخصصة في توزيع الجرارات، والشركة المعدنية “سكودامدافوم”، وشركة “سيم شيميكال” للكيماويات، إلى جانب “SMEII” التي توزع سيارات “بي إم دبليو” و”لاند روفر” في المغرب.
أسماء الشعبي: صاحبة أكثر من منصب حساس في هولدينغ العائلة
يلقبها البعض بـ”المرأة الحديدية”، وآخرون بـ “أم الفقراء”، ومهما اختلفت الأوصاف التي حفتها من كل جانب، سيحتفظ الدارسون لأسماء الشعبي بأنها كانت أول “عمدة امرأة” في تاريخ المغرب في 17 شتنبر 2003، بعدما ترأست المجلس الجماعي لمدينة الصويرة. حتى أنها حينما غادرت عمودية مدينة النوارس، بقيت وفية لنظرتها الخاصة حول تطوير أداء النساء في المجتمع المغربي، ما جعلها تنشئ المنتدى العالمي للمرأة بالمغرب سنة 2009.
وتعتبر أسماء الشعبي من النساء اللواتي انخرطن في العمل الجمعوي، للدفاع عن قضايا النساء، خاصة بالعالم القروي، وإلى جانب أنشطتها الاقتصادية فهي تدير مشاريع خيرية صحية تعنى بالسرطان، وتخصص جزءا من ثروتها للأطفال المتخلي عنهم، عبر مؤسسات رعاية خاصة.
تلقت أسماء، التي رأت النور بالقنيطرة في خريف 1962، تعليمها في جامعة “وستمنستر” بلندن، ما جعلها تتوفر على دبلوم ثمين خول لها إدارة مؤسسات اقتصادية وتجارية كـ”أسواق السلام” وفنادق سياحية كـ “رياض موكادور” إلى جانب الهولدينغ المالي “يينا”. كما حصلت أسماء على دبلوم من مدرسة “البوليتكنيك” بلندن سنة 1985، وتتوفر على تكوين أكاديمي عال، إذ تخرجت من جامعة أكسفورد بلندن، لكنها عوض أن تدشن مسارها المهني ببريطانيا اختارت العودة إلى المغرب لتشتغل داخل المؤسسة العائلية، قبل أن تدير المدرسة الخصوصية التي أنشأها والدها بالرباط سنة 1991، والتي أصبحت من أهم المجموعات الاقتصادية في إفريقيا.
زهرة معافري: صاحبة لمسة سحرية على منتجات المغرب في الخارج
مادامت مهمته تكمن في تنمية الصادرات والمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني في الدول الأجنبية، تسعى زهرة معافري، المديرة العامة للمركز المغربي لإنعاش الصادرات، المعروف بـ “مغرب تصدير”، إلى مواكبة التحولات التي يعرفها المغرب، والدفع نحو مواكبة بعض المؤسسات للمشاريع الكبرى التي تعرفها المملكة، وتمكينها من الدعم والمتابعة المصرفية والاستثمار، هكذا يقول الفاعلون الاقتصاديون الذين تربطهم علاقة بالمركز الذييتمتع بصفته مؤسسة عمومية عن دور المعافري في إنعاش صادرات المغرب.
نجاح معافري إلى غاية الآن في مهامها خولها شغل منصب الرئاسة المشتركة للمجلس الاستشاري لمركز التجارة الدولية، وهي وكالة مشتركة تابعة للأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية التي مقرها بجنيف. ورغم أنها لا تفضل تسليط الضوء على شخصيتها، إلا أنها نشيطة بقوة، من خلال تنشيطها لندوات اقتصادية، سواء في المغرب أو الخارج، مع شركاء المركز، وتدلي برأيها في ما يهم الشق الاقتصادي في علاقته بالمقاولات والمقاولين، خصوصا أن مركزها لا يتوقف عن مواكبة كل الأنشطة التي من شأنها تنمية الصادرات المغربية وتقوية تنافسية المقاولات. إذ تناط بمعافري، باعتبارها مديرة للمركز، مهام النهوض بصادرات منتجات الصناعة، والصناعة الغذائية.
مريم بنصالح: المرأة الأكثر نفوذا وقوة في عالم “الباطرونا”
مرة أخرى، مريم بنصالح شقرون من بين السيدات العربيات القويات في سنة 2016.. هذه هي عادتها التي دأبت عليها في السنوات الأخيرة، فالمرأة المغربية الأولى التي تترأس الاتحاد العام لمقاولات المغرب احتلت الرتبة 52 في القائمة الجديدة لـ “فوريس، ولا غرابة في ذلك، طالما أن هذه المرأة الحديدية كما تُلقب ترسم مسارا متميزا وحافلا بالنجاحات، حتى فرضت من خلاله نفسها بقوة، ليس فقط في عالم المال والأعمال، بل في التسيير والتدبير، الذي ظل منذ عقود خلت حكرا على الرجال، لأنها ببساطة ذاقت من نفس ملعقة الذهب للإمبراطورية المالية “هولمالكوم” التي تعود لعائلة بنصالح.
“الباطرونة”، وصاحبة العلامة التجارية “أولماس – سيدي علي”، هي الآن المحرك الأساسي للاستثمارات العائلية، التي تفرعت إلى قطاعات اقتصادية متعددة، شملت قطاعات التأمين، والصناعة الزراعية – الغذائية، والفلاحة، والعقار، والتوزيع والطيران. إلى جانب هذا، تتوفر بنصالح على العضوية بالمجلس النقدي التابع لبنك المغرب، كرئيسة للجنة الافتحاص، كما تسير المجلس الأورو متوسطي للوساطة والتحكيم، زيادة على أنها عضوة باللجنة المغربية البريطانية للأعمال والرؤساء الشباب للمنظمات.
ليلى مزيان بنجلون: الطبيبة التي كرست عملها للنهوض بالجانب الاجتماعي والثقافي
هي واحدة من النساء القليلات في المغرب، اللاتي تُسطرن أجندة مثقلة بالبرامج التي تسعى إلى محاربة الفقر ووضع حد للهشاشة، وكذا الاهتمام بتعليم الفتيات الصغيرات قبل وبعد التمدرس.
إلى جانب تخصصها الطبي، فلليلى، زوجة الملياردير المغربي عثمان بنجلون، الرئيس المدير العام لمجموعة “البنك المغربي للتجارة الخارجية”، اهتمام كبير نابع من حس اجتماعي خالص، إذ تهتم بمجالي التعليم في البوادي والمقاولات النسائية، وتلقى من أجل ذلك الدعم الكافي من زوجها عثمان. إذ تخصص مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية، قرابة عقد ونصف من الزمن 4 في المائة من مداخيلها قبل استخلاص الضرائب، سنويا، تذهب مباشرة لأعمال المسؤولية الاجتماعية، وفي مقدمتها التربية في الوسط القروي، التي تشرف عليها مؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية، التي تديرها ابنة المارشال مزيان (ليلى بنجلون).
سلوى الإدريسي أخنوش: أمازيغية صنعت لنفسها اسما في عالم التجارة والاقتصاد
رغم أن والدها بولعجول الإدريسي لم يكن رجلا ثريا في مقام كبار الأغنياء في المغرب، إلا أن سلوى الإدريسي أخنوش صنعت لنفسها اسما فيمجال التجارة والاقتصاد.
كانت انطلاقة زوجة الملياردير المغربي عزيز أخنوش، صاحب مجموعة “أكوا” للمحروقات، مع شركتها “لاسينزا” التي أحدثت ثورة في محلات الملابس الداخلية، وهو ما جعلها تنتقل إلى قطاع الملابس الجاهزة من خلال مجموعتها “أكسال”، ومن خلال استغلالها العلامة التجارية “زارا” أنشأت سلوى “زارا هوم”، المتخصصة في الأثاث المنزلي. ومع توالي السنوات، أصبحت هذه الأمازيغية، المتحدرة من منطقة سوس، واحدة من السيدات الناجحات في المغرب، خاصة بعد إنشائها لأكبر مركز تجاري ترفيهي في إفريقيا (موروكومول).
الآن تعتبر سلوى أخنوش، نموذجا للمرأة المغربية الناجحة في مجال المال والأعمال، وفخر الأمازيغيين الذين يعتبرونها خير ممثلة لهم في عالم البزنس، خاصة وأنها اختيرت أكثر من مرة ضمن السيدات الأكثر تأثيرا في العالم العربي. سلوى أخنوش اختيرت في السنتين الماضيتين شخصية السنة الأمازيغة، لينضاف هذا التتويج الرمزي إلى الجوائز التقديرية العديدة التي تتحدث وتلخص مسارها الناجح في عالم الموضة والتجارة والأعمال.
أمينة بنخضرة: الأمينة على ثروات المغرب الباطنية
بعد نيلها دبلومات في الهندسة بفرنسا، فضلت أمينة بنخضرة، المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، أن تعود إلى المغرب سنة 1982، لتتقلد مهام عديدة تتعلق بدراسة وتدبير وتسيير المشاريع المنجمية.
فارتقت في مؤسسات حساسة في مجال القطاع المنجمي والمعدني، وراكمت من خلالها تجربة وحنكة تجاوزت 30 سنة، إلى أن وصلت إلى رأس وزارة الطاقة والمعادن.. هذه المرأة العصامية، التي ولدت في 28 نونبر 1954 بمدينة سلا، عينت في غشت 1997 كاتبة للدولة لدى وزير الطاقة والمعادن، ومديرة عامة لمكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية في أبريل 1998، وفي غشت 2000 عينها الملك محمد السادس مديرة عامة للمكتب الوطني للأبحاث والاستثمارات النفطية، مع احتفاظها بمنصبها كمديرة عامة لمكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية، قبل أن تعين مديرة عامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن في11 نونبر 2003 بعد دمج المؤسستين، لتتقلد بعد ذلك منصب وزيرة الطاقة والمعادن سنة 2007 إلى غاية 2013. وقد اختارتها مجلة جون أفريك كواحدة من سيدات الأعمال الأكثر نفوذا في القارة السمراء في 2014، كما كرمت سنة 2010 من طرف جامعة الدول العربية لدورها في مجال البيئة.
بتصرف عن جريدة “آخر ساعة”