الأحد , مايو 18 2025
أخبار عاجلة
عبد الكريم الجعفري –أستاذ باحث -زاكورة

فندق الميزان ارض الملاذ لتجار الواحات

عبد الكريم الجعفري –أستاذ باحث -زاكورة

طالما ارتبطت فنادق “عاصمة المرابطين” بالنجوم التي ترصع جودتها والتي تمنحها الوزارة الوصية على قطاع السياحة .لكن ماذا عن فنادق عتيقة تشهد على عظمة الحضارة المغربية ؟؟

فندق “ثلث فحول” أو فندف “الميزان”   كما سماه اهل مراكش قديما واحد من الفنادق المراكشية الغارقة في لجج التاريخ المغربي ،والذي ساهم لسنين عديدة   في إغناء ذاكرة أهل الجنوب الشرقي بصفة عامة واهل الواحة بصفة خاصة .

فإذا كان أثرياء العالم يفضلون النزول  في فنادق مراكش الفاخرة  ،فإن تجار زاكورة يشدون الرحال إلى المدينة الحمراء نظرا لإمكانياتهم المادية المتواضعة لبيع منتوجاتهم من التمور واللوز خلال موسم جني التمور  ،وايضا خلال بعض المناسبات الدينية خاصة خلال شهر رمضان وعيد  المولد النبوي الشريف وعاشوراء حيث ينزلون بفندق الميزان على مرمى حجر من جامع الفناء في غرف تقليدية قاموا بكرائها منذ سنين عديدة .

يحتوي فندق الميزان على طابقين  على شكل مربع  وفي وسطها ينتصب “فناء “واسع في تجاه عنان السماء ،يتوسط هذا الفناء “ميزان كبير ” عمره حوالي 300 سنة كانت توزن به المنتوجات المعدة للبيع قديما ، لكن أصبح اليوم تحفة سياحية عتيقة .

كما تحتوي هذه المعلمة التاريخية على مرحاضين يتيمين ،الاول في الطابق العلوي والثاني في الطابق السفلي ،يتردد عليه السكان منذ صلاة الفجر في طابور اشبه بطابور الحصول على الفيزا الى الخارج.

يحرس على تسيير” فندق الميزن” رجل اعزب طاعن في السن يسكن في احدى الغرف السفلى ،يستقبل التجار ويفتح لهم الباب صباح مساء ، فيغدقون عليه صناديق من التمر لقاء خدماته التي لا تحصى .

أما غرفه فيسكنها التجار وبعض الحرفيين بالمدينة الحمراء .وتخضع هذه الغرف لنظام خاص ينضبط له الجميع .أما ملابسهم فيحرصون على وضعها في صناديق خاصة ،فكل واحد منهم يملك صندوقا يضع فيه ملابسه وامواله واحيانا راديو صغير ،أما من حيث التغذية فيحرصون على طهي ما يأكلون بأنفسهم بعد شراء ما يحتاجون اليه كل يوم بعد العودة من “قاعة التمر” الكائنة سابقا بباب دكلة ،على ان يتم حساب المصروف اليومي لكل تاجر بعد تناول وجبة العشاء في جو من الشفافية .

فندق الميزان او “السرسار “كما يحب اهل مراكش ان يصفوه احيانا ،هو مأوى وذاكرة المئات من تجار الواحات الذين كانوا يسكنون فيه بشكل مؤقت بعيدا عن اسرهم.تم ترميمه مؤخرا بأمر من جلالة الملك ، حيث اصبح يكتسي حلة جديدة .لكن ماذا عن اهل الدار من التجار ؟فاغلبهم ماتوا والبعض الاخر تخلى عن بيع التمر بسبب  سنوات الجفاف التي تعرفها واحات النخيل .لكن مع ذلك يبقى “الفندق ” كما يسميه أهل زاكورة رمزية تاريخية تؤرخ للعلاقة الاقتصادية والاجتماعية التي ربطت الجنوب الشرقي بعاصمة المرابطين.

 

نشر من قبل: زاكورة نيوز

ربما أعجبك أيضا

تجديد الثقة في العامل حاجي كمهندس للتنمية بإقليم زاكورة

كشفت قائمة الولاة والعمال الذين عينهم جلالة الملك محمد السادس مؤخرا عن تمسك وزارة الداخلية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *