عبد العزيز البكار.
تحل اليوم الخميس 25 فبراير الجاري الذكرى ال58 للزيارة التاريخية التي قام بها المغفور له محمد الخامس طيب إلى منطقة محاميد الغزلان سنة 1958 وهي الزيارة التي تجسد التلاحم الوثيق والترابط المتين بين العرش والشعب من أجل عزة الوطن وكرامته وتربط الماضي بالحاضر لمواصلة مسلسل التحرر والوحدة والتنمية.
وقد شكلت هذه الزيارة وقتئذ تأكيدا وتثمينا لنضال وجهاد أبناء المناطق الجنوبية من أجل التحرير والوحدة خاصة وأن أبناء محاميد الغزلان و زاكورة عامة أظهروا تعلقا متينا وراسخا بوطنهم وملكهم ودينهم كما عبروا عن مشاعر الاعتزاز العميق بانتمائهم إلى الرصيد الكفاحي التاريخي الذي جمع سكان الصحراء بإخوانهم في باقي مناطق البلاد خلال فترات تاريخية وجهادية ضد الاحتلال الأجنبي.
وما تزال ذاكرة ساكنة المحاميد تحتفظ بدرر ثمينة وعميقة الدلالات من الخطاب الهام الذي ألقاه الملك الراحل محمد الخامس خلال هذه الزيارة التي أحيى بها سنة دأب عليها ملوك الدولة العلوية الذين كان من عادتهم القيام بزيارة للصحراء، لتفقد أحوال المواطنين بها مؤكدين بذلك وحدة المغرب وسيادة سلطته الشرعية على سائر أطرافه منذ أن بدأت الأطماع الأجنبية تتجه نحو البلاد.
وفي هذا السياق قال الملك الراحل محمد الخامس في خطابه التاريخي الذي ألقاه في المحاميد “إننا سنواصل العمل بكل ما في وسعنا لاسترجاع صحرائنا وكل ما هو ثابت لمملكتنا بحكم التاريخ ورغبات السكان وهكذا نحافظ على الأمانة التي أخذنا أنفسنا بتأديتها كاملة غير ناقصة ألا وهي ربط حاضرنا بماضينا وتشييد صرح مستقبل مزدهر ينعم فيه جميع رعايانا بالسعادة والرفاهية والهناء”.
وشكلت هذه الزيارة الملكية مناسبة كذلك لسكان محاميد الغزلان وشيوخ وأعيان القبائل الصحراوية لتجديد بيعتهم لملكهم وتأكيد تعلقهم الدائم بأهداب العرش العلوي المجيد وصيانة الوحدة الترابية للمملكة واسترخاص كل التضحيات دفاعا عن المقدسات الدينية والوطنية والمقومات الحضارية والتاريخية.
كما شكلت هذه الوقفة التاريخية للملك الراحل محمد الخامس على تخوم الأقاليم الجنوبية من الوطن التي كانت خاضعة آنذاك للاستعمار الأجنبي مؤشرا وموقفا واضحا في ما يخص عدم تفريط المغرب في أي شبر من أرضه.
وعلى هذا النهج واصل هذه الملحمة المغفور له الحسن الثاني ، وتجلت هذه الملحمة في أبهى صورها من خلال المسيرة الخضراء المظفرة التي أبدعها المغفور له الحسن الثاني سنة 1975 والتي استطاع المغرب بفضلها استرجاع الأقاليم الجنوبية ليتم جلاء آخر جندي عن ربوعها في 28 فبراير 1976.
وجاءت زيارة الملك الراحل الحسن الثاني لمحاميد الغزلان في 11 أبريل 1981 في غمرة أجواء التعبئة الوطنية لصيانة الوحدة الترابية وجدد خلالها المضامين التي خلدتها زيارة والده المغفور له محمد الخامس لهذه الربوع حيث أكد مخاطبا سكان محاميد الغزلان “إن الذاكرة ترجع بنا إلى الوراء ترجع بنا إلى سنة 1958 حينما زاركم والدنا المنعم محمد الخامس وإننا لنذكر تلك الزيارة باعتزاز وتأثر نذكرها باعتزاز لأن من هنا انطلق صوته رحمة الله عليه مطالبا باسترجاع الأراضي المغربية حتى تتم الوحدة الوطنية ونذكرها بتأثر لأنها لم تكن صيحة في واد بل كانت نداء وجد أعظم صدى وكان عرسا له أكبر نماء وكان درسا في السياسة والصبر والمصابرة ها نحن اليوم نجني ثماره”.
وعلى هذا النهج يواصل ملك البلاد محمد السادس تجديد هذه المضامين والقيم الخالدة من خلال الزيارات المستمرة التي يقوم بها للأقاليم الجنوبية و إعلانه مشاريع ضخمة لتنمية هذه المناطق و السير بها و بباقي ربوع المغرب الحبيب نحو الازدهار والتقدم .