عبد الرحيم شهيد
التكريم الذي حظيت به أختي الكبيرة مجيدة أول امس بزاكورة من طرف وزارة الصناعة التقليدية وغرفة الصناعة والتجارة والخدمات بحضور السيدة فاطمة مروان، وقبله بأيام تكريم من الفعاليات الاجتماعية بإقليم زاكورة حفزني لأكتب عنها هذا البورتريه الذي أود أن اشاركه معكم ومعكن.
كانت الأولى من النساء في قريتنا الصغيرة التي تلج المدرسة سنة 1970 بعد معركة حامية الوطيس بين أمي الحاجة أم الفضل وباقي الأعمام الذين رأوا في ذلك خروجا عن المألوف وبدعة غير مرغوبة وبين تواطؤ للأب مع مشروع الدراسة دون إغضاب الأعمام، نجاح الفكرة لم يتطلب سوى اسبوعين لتلتحق ثلاثة فتيات أخريات بالمدرسة وتفتح المدرسة مصراعيها لاحقا للفتيات.
ستكون الأولى التي تلتحق بالإعدادية خارج القرية طبعا مع كل ما صاحب ذلك من صخب، وستقطع سنواتها الأربع متفوقة وبحضور قوي، غير أن مسار الدراسة سيتوقف في هذا المستوى فقوة الدفع الاجتماعي كانت بالمرصاد.
ستكون المرأة الأولى في قريتنا وبشهادتها المتواضعة، ستلتحق بالعمل بالتعاون الوطني بالقرية وستكون الحدث لسنوات بلباسها المدني الحديث (التنورة والدجينز)، ثم تقطيعة الشعر بعنفوانها وعنادها في العمل واستقلاليتها المفرطة، وفي كل ذلك كانت هناك معارك عديدة ضد العادات والطقوس.. وكانت دائما تكسب في النهاية.
في وسط التسعينات انخرطت في حمى العمل المدني الثقافي والحقوقي، ثم في بداية الألفية ستؤسس ومجموعة من صديقاتها واصدقائها “الجمعية النسائية للتنمية والتضامن”، كانت نموذجا لجمعية القرب النسائي في أقصى مظاهرها وخاصة مساعدة الفتيات على استكمال دراستهن بدءا بمركز وحيد بالإعدادي وصولا إلى سبعة مراكز للاستقبال همت الثانوي وحتى الجامعي.
كانت المرأة الأولى بالمنطقة التي يحظى عملها باهتمام الحركات المدنية وطنيا والتعاون الدولي، اعترافا بذلك سترشح لجائزة خميسة، ستحظى بدعوة لزيارة أمريكا ببرنامج الزائر الدولي، بزيارة لإيطاليا ضمن شبكة التضامن الأور ومتوسطية، بتكريم النساء الرائدات، بتكريم من خريجات مراكز الاستقبال.
ستكون المرأة الأولى التي تقطع احتكار الرجال للتواجد بالجماعة القروية التي تنتمي إليها وتصبح مستشارة عنيدة معارضة تحظى باحترام وتقدير الجميع.. وأعتقد أنها ستكون قادرة على تصدر مواقع أخرى في المجا.. دعواتكن/م معها.
اليوم في قريتنا الصغيرة، لن يتردد الجميع في أن يقولوا عبارتهم الشهيرة: “مجيدة بمائة رجل”، تلك شهادة جماعية من الرجال والنساء على السواء، وهي في الحقيقة تختزل حضور مجيدة وسط الناس ومعهم في أفراحهم وأحزانهم في مشاكلهم في طموحاتهم وفي مختلف تدابير الحياة. بيتها اليوم قبلة للجميع، هو مكان للحل والعقد .. هناك يجتمع أعيان القبيلة لمناقشة كل الأشياء ولا يجدون أي حرج في أنها من يتكلف بالأمور الصعبة في نهاية الاجتماعات.
مجيدة هذه الأخت الجميلة والعنيدة عين ماء من العطاء والكرم لا ينضب، كل أصدقائي وصديقاتي الذين زاروا زاكورة نزلوا ضيوفا حتما على بيتها، دائما مفتوح وبكل أريحية وهي مرعوبة دائما أن تكون مقصرة.
فخور بك أختي مجيدة وأريد أن أشارك هذا الافتخار أصدقائي وصديقاتي وأدعوهم /ن لزيارتك فأنا أعرف حبك كأمك للضيوف.
أحبك أيتها المعطاء العنيدة، ودمت متألقة أيتها الأيقونة الجميلة.