الخميس , أكتوبر 24 2024

من حسنات كورونا

بقلم: جواد الطاهري

ليس كل ما نمر به في زمن كورونا سيئ، فرب ضرة نافعة كما يقال.
الخوف من تفشي فيروس كورونا أوقف، أو كاد، عقارب الزمن في أزيد من 200 دولة عبر العالم، وأعاد عجلة الحياة إلى الدوران بشكلها الطبيعي.
الحياة قبل كورونا كانت تسير بوثيرة سريعة جدا، حتى أصبح العام يدور وكأنه شهر، والشهر وكأنه يوم، واليوم وكأنه ساعة.
وفي زمن كورونا، بتنا نعيش الساعة وكأنها شهرا، والشهر وكأنه سنة.
لا شيء تغير، فالزمن هو هو، والتوقيت كذلك، فقط جعلتنا إجراءات الحجر الصحي “نفرمل” من السرعة الهائلة التي كنا نعيش على إيقاعها، فأمسى الحال، ونحن نلازم أربعة جدران، وقت كثير حد الملل، وزمن بطيء حد القنوط.
قبل كورونا، كنا شبه آليين، نمط حياة سريع، توتر، ستريس، “جري عليا نجري عليك”، نلهث وراء الحياة دون أن نشعر بها في كثير من الأحايين.
وفي زمن كورونا، أصبحنا نجد الوقت للحديث والسمر، وعاد الدفيء داخل الأسر، وأصبح الأب يعرف المستوى الدراسي لابنه، و”اكتشفت” زوجات “مهارات” أزواجهن، وتذكر بعد الأزواج أنهم فعلا متزوجون.
من حسنات كورونا أنه كما أعاد الدفيء داخل بعض البيوت، أعاد الوئام بين كثير من الجيران.
من حسنات كورونا أنه أعاد علاقتنا المنقطعة بخير جليس، ومنحنا الحذر منه (كورونا)، الفرصة للتأمل في الذات، وفي الحياة والممات.
من حسنات كورونا أنه أوقف الحروب ولو بعد حين، ومآسي الهجرة السرية ولو لبعض زمن.
انخفض منسوب الجريمة بكل أنواعها، ولم نعد على الأقل، نسمع عن فواجع حوادث السير وحرب الطرقات.
في زمن وباء فيروس كورونا، “اختفت” باقي الأمراض الأخرى فجأة، وأصبح المرض الوحيد الذي يدخل إلى المستشفيات والمصحات الخاصة هو مرض كورونا، أهي نفسيتنا المتعبة، المثقلة بهموم ومشاكل الحياة، والعمل، والبيت، والأهل والجيران، والديون، والجشع… هي التي كانت تمرض أبداننا في الزمن قبل هذا الكورونا الخفي؟
لسنا وحدنا المستفيدين من بعض حسنات الفيروس اللعين، فالطبيعة بدت أكثر توهجا، والسماء أكثر صفاء، والشوارع تنفست أخيرا الصعداء.
قل التلوث، وقل الصخب والضجيج والزعيق، وعم السكون والهدوء الأرجاء.
وكأني بالأرض تجلس القرفصاء، تستريح منا، وتتفرج علينا..
حتى القطط والكلاب، باتت تتجول وحيدة في الشوارع ولربما يدور في خلدها سؤال: ماذا حل بالبشرية؟
في الختام، فيروس كورونا الجبان أمرض أجسادا نتمنى لأصحابها الشفاء، وكان سببا في إنهاء حيوات ندعو لها بالرحمة، وفي انتظار رحمة خالق هذا الكون بخلقه، متمنياتنا ألا نعود بعد انتهاء زمن كورونا، إلى “فوضى” ما قبل كورونا.

نشر من قبل: منصف بنعيسي

منصف بنعيسي ويبماستر موقع زاكورة نيوز.

ربما أعجبك أيضا

فيديو: بشرى لساكنة هذه المناطق.. تزويد عدد من الجماعات بين أكذر وزاكورة بمياه سد أكذز

في هذا الفيديو، نقدم لكم خبرًا سارًا لسكان المناطق بين أكذر وزاكورة، حيث تم الإعلان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *