الخميس , أكتوبر 24 2024

ميدلت الثلاجة الطبيعية

بقلم محمد بوبيزة

من سخاء الجغرافيا نعيش هذه الايام في ثلاجة طبيعية ،فبمجرد غروب الشمس نتحول الى كائنات جامدات.

لباسنا أكثر من نصف أوزاننا ،نأكل بشراهة لتدفأ أبداننا ورغم ذلك نمرض أكثر من غيرنا ،ويموت بكثرة ولداننا ،،فبمجرد ما يسقط رأس الوليد عندنا يصاب بأنفلوانزا المكان فتتجلط الدماء في عروقه ،ويتوقف قلبه عن الخفقان.

لصوص بلدتي – الجنتلمانات- أصحاب ربطات العنق والقبعات ينعمون بالمكيفات في الاقامات ،والمؤسسات ،والضيعات وحتى في السيارات ،وفقراء بلدتي البسطاء يطلقون الدفء حتى تجود به السماء،.يعصرون جيوبهم المثقوبة بالديون، والضرائب ،والدعائر والفواتيرلشراء حطبهم المسروق من غاباتهم وأراضيهم التي سال عنها دماء أجدادهم .

أكاد أجزم أن أغلب الراكعين ببلدتي يتيممون فليس في مقدورهم التوضؤ بالجليد خمس مرات في اليوم.

خدعوك بقولهم أنك عاصمة التفاح ، وباريز الصغيرة ،وغرك اللصوص المحترمون  و شوهوا معالمك ،وأفقدوك هويتك ،وباعوا غاباتك، واستنسخوا تصاميم الصحراء وطبقوها على مبانيك التي تقبع ربع السنة تحت الثلوج. ألا يستحق من صمم السجن المحلي بميدلت أن يوضع فيه ليفقد أسنانه من كثرة الاصتكاك؟

يصرون على استقدام تلاميذ بلدتي الى قاعات مجلدة أشبه بغرف الاستنطاق منذالثامنة صباحا ، والثامنة ياسادة جزء من الليل عندنا .لماذا يستوي توقيتنا مع الرباط وفاس ومراكش والصحراء ؟لماذا  لا نمتع تلاميذنا بعطلة في فصل الشتاء عوض فصل الصيف ؟لم يفهم بعد أصحاب القرار أننا من ذوي الاحتياجات الخاصة ،لا نعيش الا بالشمس ،ليلنا طويل ونهارنا قصير. لماذا لا تصمم مباني مؤسساتنا ومرافقنا حسب خصوصياتنا الطبيعية ؟ لماذا لا تراعي مخططات جماعاتنا الترابية أننا قوم ندخل في سبات شتوي ونتكمش حتى تجود بالدفء السماء،وتخصص ميزانيات لدعم حطب التدفئة والادوية الخاصة بنزلات البرد ودعم نزلاء السجن ومراكز ايواء المسنين والداخليات ومخافر الشرطة والمستشفيات؟؟؟ ينبغي أن تتضمن ميزانية جماعاتنا الترابية أبواب قارة تصب في هذا الشأن تجنبا لاتخاد اجراءات مستعجلة ومملاة لمحاربة مظاهر انخفاض درجات الحرارة  كأنها استثناء والحال أنها القاعدة.

ولامناص أيضا من دعم الفلاحة المعيشية، وتخصيص علف للفلاح الصغير ليتغلب على انعدام الكلأ ،ومعاناة الكسابة مع القطيع المسجون في الحظائر.كما ينبغي محاربة كل أنواع التدليس واستغلال انقطاع الطرق لرفع اسعارالمواد الغذائية والفلاحية.

الثلاجة الطبيعية التي نعيش فيها ربع سنة نؤدي ثمنها غاليا وتتطلب مصاريف اضافية الزامية في الاكل واللباس والدواء والتدفئة، ناهيك عن تضرر المرافق العمومية بصفة عامة ،وبطء اشتغالها وتكاسلها ،وهذا يفرض التفكير العميق لوضع مخططات عقلانية تراعي خصوصية المنطقة ،وتساعد على التغلب على المثبطات والعراقيل وتحارب الشلل الذي يصيب المنطقة  ويعيق مسار نموها .

لم تعد الترقيعات السنوية والاجراءات الوقائية تجدي نفعا ،فالمؤشرات عندما تتكرر تتحول الى ظاهرة وقاعدة صلبة  تفرض وضع استراتيجية تنموية شاملة  تراعي المعطيات الطبيعية الخاصة لتساعد الساكنة على الاندماج والعيش بدون تجلد داخل الثلاجة الطبيعية.

نشر من قبل: منصف بنعيسي

منصف بنعيسي ويبماستر موقع زاكورة نيوز.

ربما أعجبك أيضا

فيديو: بشرى لساكنة هذه المناطق.. تزويد عدد من الجماعات بين أكذر وزاكورة بمياه سد أكذز

في هذا الفيديو، نقدم لكم خبرًا سارًا لسكان المناطق بين أكذر وزاكورة، حيث تم الإعلان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *