الثلاثاء , أبريل 29 2025
أخبار عاجلة

ياسين عدنان: الشباب المغربي كفر بالسياسة

 يحل الكاتب والإعلامى المغربى ياسين عدنان ضيفًا على معرض القاهرة الدولى للكتاب، فى دورته الـ 48، وكانت أحدث رواية صدرت له بعنوان «هوت ماروك»، عن دار العين، وصلت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر.

«الدستور» التقت «عدنان» فى حوار حول الرواية، وعن الشأن الثقافى والسياسى المغربى، فهو يرى أنه لا ديمقراطية بدون أحزاب سياسية قوية، وأن تفريغ الأحزاب من عمقها الفكرى هو السبب الذى وصل إليه حال السياسة فى المغرب، إذ إن أغلب الشباب المغربى كفر بالسياسة والسياسيين.

> ذكرت بعض التفاصيل، فى روايتك، عن العشوائيات وترييف المدن، خاصة منذ ثمانينيات القرن المنصرم، حدثنا عن الأمر؟
ــ الرواية تحكى قصة آل العوينة الذين غادروا بادية عبدة، خلال سنوات الجفاف المتعاقبة فى الثمانينيات، باتجاه مراكش. استقروا فى حى عشوائى يفتقر إلى أبسط التجهيزات والخدمات الصحية، وعلى رأسها المراحيض. سيعمل الأب مقرئًا للقرآن فى المقبرة المجاورة لحيهم العشوائى. بعد تحسُّن ظروف الأسرة سيجدون أنفسهم فى قلب مراكش العتيقة. فى حى من أحيائها القديمة ذات المبانى المتداعية الآيلة للسقوط. وما إن تزوج الابن رحال وعثر على وظيفة، هو وزوجته، حتى انتقلا إلى حى المسيرة لنكتشف معهما كيف تتعرض حتى أحياء الطبقة الوسطى الحديثة للترييف مع الأسف.

والرواية بهذا المعنى محاولة للدفاع عن المدينة العربية ضد ما تتعرّض له من قتل. إنه دفاع عن مدينتى مراكش التى تبقى من أجمل الحواضر العربية اليوم، لكن يجب الدفاع عنها ضد أعداء المجال الحضرى وأعداء التمدن الذين قد يكونون، ويا للمفارقة، هم المسئولين عن تسييرها وتدبير شئونها.
لقد توقّفتُ فى الرواية عند اغتيال الأشجار فى مراكش التى كان القدامى يسمّونها «الحاضرة البُستان». اغتيال همجى شرس نفذه بدم بارد مع الأسف مسئولو المدينة الذين انتخبناهم ليدبِّروا شئونها نيابة عنا.
> تناولت المشهد السياسى المرتبك فى المغرب، خاصة بين الأحزاب الكرتونية، فى رأيك ما أسباب ذلك؟
ــ لا ديمقراطية بدون أحزاب. ولقد انخرطت فى تشريح المشهد الحزبى فى «هوت ماروك» بطريقة ساخرة، لكنها سخرية مرة فى الحقيقة. أنا أتابع، بأسف، كيف كفرت شبيبة المغرب المُحبَطة بالسياسة والسياسيين، وهجرت بشكل جماعى الأحزاب ومقرّاتها، وصار العزوف قرارها النهائى الثابت أمام كل استحقاق انتخابى. لدينا فى المغرب عدة أحزاب خرجت من رحم الإدارة المغربية أيام الحسن الثانى، وهذه الأحزاب انتهَتْ صلاحيتُها منذ زمن ولم يعد أحد يرجو منها خيرًا ولا شرَّا. إذ ماذا تتوقّع من أحزاب لم تتّخذ طوال مسيرتها أى قرار سياسى خارج التعليمات والإملاءات! لكن مع ذلك، لدينا أحزاب اشتراكية وأخرى إسلامية أفرزتها حركية المجتمع المغربى، فلم لا تجذب المغاربة وتقنعهم بالانخراط ومغادرة موقع المتفرج السلبى العازف عن المشاركة؟ أعتقد أن إفراغ العمل السياسى والنضال الحزبى من عمقه الفكرى ومضمونه الأيديولوجى هو المسئول عن هذا العبث الذى أوصلنا إلى فقدان المعنى. فقدان معنى السياسة والنضال السياسى.
والرواية حاولت بسخرية أن تقدم هذا الوضع المضحك المبكى، حيث لا أحد يهتمّ لأسماء الأحزاب أصلًا ليدقّق فى خلفياتها الفكرية والأيديولوجية. الكلّ ينادى الأحزاب برموزها. الأخطبوط والنّاقة والحصان والنّملة والبلشون والمكنسة والطائرة والفأس والشمعدان واليد فى اليد وسمّاعة الطبيب. طبعًا السخرية من هذا المآل البئيس لحياتنا الحزبية بلغت ذروته فى الفصل الثالث «الكوميديا الحيوانية» حينما انطلقت الحملة الانتخابية بمعركة الحلزون التى انخرط فيها حزب الأخطبوط الليبرالى، ضد حزب الناقة الإسلامى، والتى اندلعت بسبب فتوى تحريم أكل الحلزون التى استصدرها حزب الناقة مما خلق فتنة حقيقية داخل مجتمع مغربى يعتبر حساء الحلزون أحد أطباقه الأكثر شعبية.
> هل يعانى المغرب من التمييز الدينى، كما فى حال «قمر الدين» وثورة والده عليه عندما علم برغبته فى اعتناق المسيحية ولو زيفًا للهروب خارج البلاد؟
ــ لا أعتقد أن فى المغرب وضعًا لافتًا فى مجال التمييز الدينى، بل العكس هو الصحيح. أولًا، أغلبية المغاربة مسلمون ولدينا فى المغرب وحدة مذهبية. عقيدة المغاربة يلخصها بيت شهير لابن عاشر يقول فيه: «فى عَقْدِ الأشعرى وفقهِ مالكِ/ وفى طريقةِ الجُنَيْدِ السالكِ». فالمغاربة عمومًا مالكيون، عربًا وأمازيغ، على عقيدة أبى الحسن الأشعرى. وهم مع الجنيد يقولون بالإحسان. لذلك لا طائفية فى المغرب. الطائفة الوحيدة التى تخرج عن هذا الإطار هى الطائفة اليهودية.
يهود المغرب، كما تعلمون، أمازيغ أقحاح. ويحفظ التاريخ لمحمد الخامس أنه حينما سقطت فرنسا فى يد الاحتلال الألمانى عام 1939، وعينت ألمانيا النازية حكومة فيشى، سنت فرنسا الفيشية قوانين مماثلة لقوانين ألمانيا فيما يخص إرسال اليهود إلى معسكرات الإبادة. حينها رفض محمد الخامس تسليم الرعايا اليهود لألمانيا، قائلاً: «ليس لدى يهود فى هذا البلد. بل مغاربة. وأنا ملكٌ لكل المغاربة». أما المسيحية فليست شائعة فى المغرب. لذلك حينما قرر قمر الدين اعتناق المسيحية وُوجِه بلوم من طرف أبى قتادة وبعنف من طرف والده، فإن اختياره لم يكن خالصًا للدين، بل رغبة فى تذليل سبل الهجرة إلى الغرب الذى يتصوّره مسيحيًا.
جريدة الدستور – نضال ممدوح

نشر من قبل: منصف بنعيسي

منصف بنعيسي ويبماستر موقع زاكورة نيوز.

ربما أعجبك أيضا

فيديو: بشرى لساكنة هذه المناطق.. تزويد عدد من الجماعات بين أكذر وزاكورة بمياه سد أكذز

في هذا الفيديو، نقدم لكم خبرًا سارًا لسكان المناطق بين أكذر وزاكورة، حيث تم الإعلان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *