مروان الهاشمي
أمر مضحك ومثير للغرابة في الوقت نفسه، أن يتحول الشخص نفسه، من عدو شرس إلى مدافع عن “العدو السابق”، بشكل مفاجئ وبدون سابق إنذار أو سبب “يدخل العقل” سوى أنه أصيب بخلل عقلي، أو لحاجة في نفس الزفزافي يسعى لقضائها.
هذا ما وقع مع شاب مغربي حاقد أشد الحقد، على رجال الأمن الذين وصفهم خلال جميع مداخلاته في احتجاجات مدينة الحسيمة بـ “قوات القمع المخزنية” قبل أن يقف داخل قفص الاتهام باستئنافية الدار البيضاء، ليدافع عنهم فجأة، بعدما سمع مرافعة محامي مديرية الأمن “النارية” واتهاماته للمعتقلين في ما سمي بـ “حراك الريف” والتي فاجأت ليس فقط المتابعين للملف وإنما هيئة دفاع معتقلي أحداث الحسيمة أيضا.
ومن سمع الزفزافي وهو يدعو داخل المحكمة، لرفع أجور رجال الأمن ويعبر عن تضامنه مع عناصر الشرطة المصابين في أحداث الحسيمة، لن يُصدّق أبدا، أنه نفس الشخص الذي كان يتهمهم بالتعذيب وسوء المعاملة، ولن يصدق أنه نفس الشاب الذي كلما هاج خلال الاحتجاجات وأشرطة الفيديو التي كان يصورها، يسب ويهاجم بكل ما أوتي من كلمات تليق أو لا تليق، عناصر الأمن الذين تركتهم الأحزاب والمنتخبين، في تصادم مباشر مع المحتجين.
والذي يرى الزفزافي وهو يرفع قبعته لرجل أمن أصيب بالشلل في أحداث الحسيمة، ويدافع عن رجال الشرطة المصابين فيها، لن يعتقد أنه نفس الشخص الذي يرفع يده متهما رجال الشرطة بالاعتداء على المواطنين واستفزاز المحتجين، ويرفع صوته ليزيد من حماس الشباب ويدفع إلى الخروج إلى الشوارع وهو يعرف أنهم لن يقابلوا رجال الأمن بالورود والهدايا وإنما بالحجارة والعنف، ما يؤدي إلى إصابات خطيرة في صفوفهم.
أغلب متابعي هذا الملف بمختلف مراحله، يعتقدون اليوم أن “كبير المحتجين” القابع في السجن منذ فترة، ضاق عليه الخناق من جميع النواحي، وأصبح يبحث بعدما احترقت بين يديه كل “أوراقه البطولية”، عن ورقة جديدة يعود بها للواجهة، عبر مغازلة “أعداء الماضي” بكلمات قد تشفع لماضيه الملطخ بالصراخ ولائحة التهم التي تنظر فيها العدالة حاليا.