بعض المتتبعين للخط النضالي لأطر الإدارة التربوية وبالأخص منهم مديرو المؤسسات التعليمية العمومية ، يعتبرون أن الضجة التي يثيرها هؤلاء من خلال وقفاتهم الاحتجاجية ما كان لها أن تكون بما أنهم وراء تغيير مسار المدرسة العمومية الخاطئ كما يروج له ،على اعتبار أن الأستاذ لا يملك الحق في التغيب والحضور ، ولا التلميذ الفشل أو النجاح لو لم يكن المدير مسؤولا عن ذلك وعن ملابسات اختراق مصداقية الوضعية التنظيمية والتربوية لما آلت إليه المدرسة العمومية ، هذا الأسلوب من التسويق لتردي المنظومة التعليمية استطاع أن يسوق صورة صادمة عن الإدارة التربوية حولتها إلى صورة كاريكاتورية خالية من أية قيمة وظيفية، معرضة المديرين للعنف الرمزي بكل أشكاله من أولياء الأمور ،الشركاء المحليين والمجتمع المدني ، والأخطر من ذلك أن قوى القرار داخل القطاع هي أيضا كرست لهذا التصور بزرع نوع من الديماغوجية بتحويل الرأي العام من النظام التربوي التعليمي إلى الجهاز التنظيمي للإدارة من خلال الإنزال على أطرها بلجن التتبع والافتحاص والتقصي والإعفاءات المجانية ،عوض الانخراط في سياق مقاربة عقلانية وعملية بما يضمن لأطر الإدارة التربوية مصداقيتها وفاعليتها المهنية ..
وفي خضم هذا السير نحو التقهقر بالوضعية الإدارية للمديرين خصوصا بالموازاة مع ما يحصل من تبعثر في استراتيجية الإصلاح ، نتجت حركة احتجاجات لهم دفاعا عن سمو شرعية مهامهم التي تخفي في طياتها حقيقة الإصلاح الموضوعي للانطلاق نحو تغيير تعليمي ديموقراطي شامل حسب سلم الأولويات ، وأي تأخير للاندماج الإيجابي للمديرين في واقع الإصلاح هو تأجيل لفتح أوراش الإصلاحات الهيكلية ، لأهمية ما يشكله هؤلاء من دينامية واقعية داخل المنظومة التعليمية رغم وضعية التكليف التي لا تضمن الشروط الموضوعية للانخراط الفعلي والتطوعي المتأرجح بين مسؤولية المدير ومبادرة المدبر رغم الانكسار الكبير الذي يطالهم بسبب السلوكات السريالية لبعض المسؤولين عن القطاع المدرسي .. ومن أجل تدعيم شرعية المنصب قد اختار المديرون رهان الانخراط في ” وقفة الكرامة ” مع التحفظ في صيانة المصلحة العامة للمرفق العمومي تماشيا مع المنهجية الديمقراطية في ضمان حق التعليم للجميع ،على أن تكون هذه الوقفة هي انطلاق نحو تحقيق انتظارات شرعية يرونها أضمن للمصلحة التربوية داخل مسلسل التراكمات الإصلاحية …أقوى التجارب الإصلاحية عاشها المديرون في معاناة صامتة على جبهة النضال التربوي بكل نكساته رغم الكلمة الظالمة و الجارحة في حقهم فقد حان الوقت الاعتراف بهم داخل إطار رسمي وعلى وثائق رسمية وإلا – شكون عينو فالمدير؟-