يا رب السلامة، ها هو رْجع ثاني هاذ يونس الشيخ، وجاي بعجاجتو…
اختفت الابتسامة فواصلت الحديث.
… سيدي الرئيس، إن جروح الساكنة تتجدد مرارا، فبينما أنتم تفكرون في جمالية المدينة وتحسين بعض الخدمات، تتكبد أسر خسائر في أرواحها… وها هي أسرة مكلومة أخرى جديدة تفقد شابا من أبنائها يوم الأحد 24 أبريل 2016.
سي اوعرى المحترم، طبعا “غار الديبة” إسم تعرفونه جيدا، وتعرفون أنه فم غول يلتهم شبابا كل سنة، فيقام العزاء بشكل متواضع جدا، وتنتهي القصة هنا. دون أي جهد يذكر من السلطات أو المجلس المنتخب.
سي اوعرى وباقي مسؤولي زاكورة، هل تخافون مواجهة “غار الديبة” إلى هذه الدرجة؟ هل أصبح هذا المكان مرعبا بالنسبة إليكم أيضا؟ ألا تعلمون أنه أنهى حياة ستة أو سبعة أشخاص على الأقل خلال الخمس سنوات الماضية؟ أليست لكم جرأة حمل السيف في وجه هذا الغادر؟ ولن تتأخر في دعمكم هيئات المجتمع المدني النشيطة والمواطنة.
أخبروني، هل تنتظرون كارثة بحجم كوارث كبرى شهدتها بلادنا، لتتحركوا وتحركوا واحدة من الجرافات المتواجدة في المدينة؟
صدقا، فل يجبني أحدكم، هل فكرتم يوما أن الضحية المقبلة قد يكون ابن أحد أعضاء مجلسكم الموقر؟ وهل ستبقون مكتوفي الأيدي عندها، أم أن مكيال المنتخبين أوفى وأرحم؟
أخذ الرئيس منديلا صغيرا، مرره على وجهه بهدوء، أما أنا فالتفتت يمنة ويسرة، فواصلت الحديث بنفس الحماسة.
انتبهوا، فالأرواح ستحاسبكم، ستلاحقكم.
انتبهوا، فالبنية التحتية لا تعني فقط تشييد الطرق وتركيب أعمدة الكهرباء، وكراسي على الرصيف، أو ألعاب لأطفال ينتظرهم غول اسمه “غاررالديبة”، أو غرس ورود تغطي بجمالها وروائحها أوساخ وروائح وأخطار ما خلفها. لا تعتقدوا أن الأمر لا يعنيكم، لا تظلوا صامتين ساكنين، لا تختاروا الاختفاء كما يفعل البعض.
وغار الديبة هو نموذج واحد فقط سيدي الرئيس. هل تعرف ساقية تخترق حي أسرير؟ إنها قتلت طفلا في سنة 1990، وكادت تعيد فعلتها بعد ذلك، لولا تدخل السكان لإنقاذ طفل آخر.
ساقية، بإمكانكم أنتم والإدارة المعنية تغطيتها وتحويل سطحها إلى ساحة ألعاب صغيرة، تبتسم الأمهات عندما ترى أطفالها يلعبون فيها، بدل الرعب والخوف الذي تعشنه الآن.
كيف سيتعامل طفل مع ساقية عمقها حوالي مترين وعرضها متر ونصف؟ وماذا ستأخذ منكم مسافة 900 متر لتغطيتها وإعفاء الناس من شرها وما تسببه لهم يوميا من خوف ينضاف إلى الهموم والمشاغل اليومية التي لا تنتهي.
لماذا لا تأخذون البادرة لأن الآخرين لم يردوا على كل نداءات السكان منذ سنوات؟
المجلس السابق، العمالة، المقاطعة الفلاحية، وزارة الفلاحة، وآخرون…
كلهم تركوا الناس وحدهم، يواجهون الخوف وساقية تشبه ثعبانا يتلصص وينتظر الفرصة للذغ قلوبهم.
كلهم صمتوا، في انتظار موت طفل، وآخر، وثالث… ولا أحد سيكترث لدموع الأمهات ولا لآلام الناس هناك.
أريد أن أقول لكم سيدي الرئيس أن الحكاية لم تنته بعد، غير أن كلامي لن يطول في هذا الباب، فقط، أنبه المنتخبين، بعيدا عن السياسة و”الحملات السابقة لوقتها”، أن مشاطرة الناس آلامهم وأفراحهم يدخل في صميم واجبكم الأخلاقي والإنساني، بغض النظر عن القوانين وقواعد عملكم التي لا يفهم فيها المواطنون شيئا، ولا حاجة لهم بها، ما دام أبناؤهم يموتون بسبب ساقية، حفرة، واد، حائط آيل للسقوط، وإهمالكم أحيانا.
قدموا العزاء لأسرة الشاب الذي قتله “غار الديبة”.. قدموا العزاء، واقتوا “غار الديبة”، اقتلوه، لا تتركوه حيا، حرا طليقا. تدخلوا بسرعة، رجاءً، الله يرحم الوالدين.
أنا غير داوي، والله كايشوف.